شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٣٦٠
لان الكتاب أحد اللسانين (1). فان البيان بالبيان كهو باللسان (2).
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورا بتبليغ الرسالة ثم كتب إلى الآفاق وكان ذلك تبليغا منه، ولأنهم لما وقفوا على ما في الكتاب نزلوا على ذلك، فلو لم يجعل ذلك أمانا لأدى إلى الغرور. وقد بينا فيه حديث عمر رضي الله عنه .
537 - وإن وجدوا كتابا فيه أمان لم يرم به إليهم أحد فليس هذا بأمان.
لان الكتاب جماد لا يتصور منه الأمان. وإنما يكون من الكاتب، وهو غير معلوم. والأمان من المجهول لا يتحقق. ثم لعل الكتاب مفتعل، أو كتبه بعض من لا يصح أمانه من أهل الذمة. فلهذا لا يثبت الأمان لهم حتى يعلم أن الرامي به مسلم بينة تقوم من المسلمين على ذلك، لان حق المسلمين قد ثبت في استرقاقهم، وهذه البينة تقوم لابطال حقهم.
538 - فإن قال مسلم: أنا رميت به إليهم. فإن كان قال ذلك قبل أن يظفر بهم المسلمون، فهو مصدق.
لأنه أخبر بما يملك إنشاءه ولا تتمكن التهمة في خبره. ولان حق المسلمين لم يتقرر فيهم بعد، فيكون تأثير كلامه في منع ثبوت حق المسلمين فيهم، والواحد من المسلمين يملك ذلك.
539 - وإن قال ذلك بعد ما أعطى القوم بأيديهم لم يصدق على ذلك، حتى يشهد الشاهدان من المسلمين سواه أنه رمى إليهم.

(1) ق، ه‍ " البيانين ".
(2) ه‍، ق " فإن البيان بالكتابة كهو باللسان " وهو أصح ".
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»