شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٨١
غير أنى كنت أرى كنانة كل غداة يطوف بهذه الخربة، فإن كان شيئا دفنه فهو فيها، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى تلك الخربة فحفر فوجد ذلك الكنز، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يدفع كنانة بن أبي الحقيق إلى محمد بن مسلمة ليقتله بأخيه محمود بن مسلمة، فقد كان هو الذي دلى على محمود الرحى.
وإنما استحل دماءهما وسبى ذراريهما لمكان الشرط الذي جرى بينه وبينهما، فسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيى بن أخطب، وكانت تحت كنانة، ومعها ابنة عمها، لم يسب من أهل خيبر غيرهما. وكان قد وعد دحية الكلبي من سبى خيبر. فسأله أن يعطيه صفية فأعطاه مكانها ابنة عمها. وأمسك صفية لنفسه، وهي عروس بحدثان (1) ما دخلت على زوجها.
وذكر في المغازي أنها كانت رأت في منامها في بعض تلك الليالي أن القمر وقع في حجرها من السماء. فلما أصبحت قصت رؤياها على كنانة (72 ب)، فلطمها لطمة على وجهها (2) وقال: أتريدين أن تكوني زوجة محمد؟ ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا أن يذهب بها إلى رحله. فمر بها وسط القتلى. فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ذهبت بجارية حديثة (3) السن إلى القتلى. لقد ذهبت منك الرحمة. فاعتذر بلال وقال:
يا رسول الله، ما مررت بها إلا إرادة أن ترى مصارع قومها ولم أدر أنك تكره يا رسول الله.
وذكر في المغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها فتزوجها. فأمر أم أيمن أن تصلحها له. فبنى بها في الطريق قبل أن ينتهى إلى المدينة. وكانت

(1) حدثان الامر بالكسر أوله وابتداؤه (قاموس).
(2) في هامش ق " على وجهها. نسخة ".
(3) ه‍ " حدثه ".
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»