شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٢
14 - قال: وذكر عن سليمان بن بريدة أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم. ما من رجل يخالف (1) إلى امرأة رجل من المجاهدين إلا وقد وقف يوم القيامة فيقال له: هذا خانك في أهلك، فخذ من عمله ما شئت. فما ظنكم؟
فيه بيان عظم حرمة المجاهدين، لان زيادة حرمة النساء لزيادة حرمة الأزواج. وإليه أشار الله تعالى في قوله {وأزواجه أمهاتهم} (2). وفى قوله تعالى {نؤتها أجرها مرتين} (3).
ثم إنما استحق هذا الوعيد لان المجاهد خرج من بيته وجعل أهل أمانة عند القاعد، وعند الله تعالى. فإذا خان في أهله فقد خان في أمانة الله تعالى، ولأنه سعى إلى قطع الجهاد (4)، لان المجاهد إذا علم أن غيره يخونه في أهله لا يخرج، ولا يحل له الخروج من غير ضرورة لان حفظ أهله واجب عليه عينا، والقتال ليس بواجب عليه عينا، ومتى لم يخرج ينقطع الجهاد فيكون هو ساعيا في قطع الجهاد وتقوية المشركين على المسلمين (5) فلهذا قال: إنه يحكم يوم القيامة في عمله يأخذ منه ما شاء.
ثم قال: ما ظنكم، يعنى أتظنون أنه يبقى له شيئا من عمله مع حاجته إليه في ذلك الوقت.

(1) يقال هو يخالف إلى امرأة فلان أي يأتيها إذا غاب عنها زوجها.
(2) سورة الأحزاب، 33، الآية 6.
(3) = =، 33، " 31.
(4) ط، ه‍ " ثم الذي يخون المجاهد في أهله خائن في أمانة أخيه وخائن في أمانة الله تعالى.
والمجاهد خلف أهله عند القاعدين بأمانة الله، وهو الساعي في منع المجاهد من الخروج لأنه إذا علم أن غيره.. ".
(5) ط، ه‍ " وكان بهذه الجناية يقوى المشركين على المسلمين " وبعد هذا زيادة لا توجد في أ، ب وهي " فان المجاهد إذا بلغه ذلك يشتغل به قلبه فلا يجد في القتال، أو يرجع فيقل جند المسلمين، فربما يقع الدبرة على المسلمين. فلهذا قال. ".
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»