5 - قال محمد رحمه الله: أخبرنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان قال: من صام يوما في سبيل الله بعدت منه جهنم مسيرة خمسين عاما للراكب المجد لا يفتر ولا يعرس. لا يفتر أي لا يضعف، ولا يعرس أي لا ينزل في آخر الليل، وهو التعريس.
والمراد من الحديث أن يجمع بين الصوم والجهاد، فالطاعات (1) كلها سبيل الله تعالى لأنه يبتغى بها رضاء الله تعالى، غير أن عند الاطلاق يفهم منه الجهاد. والجمع بينهما أشد على النفس فيكون أفضل، على ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أفضل الأعمال قال: " أحمزها (2) "، أي أشقها على البدن. وهذا أبلغ في قهر النفس الامارة (3). وما روى (4) عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه كره الجمع بين الصوم والمشي في طريق مكة.
فلذلك للتحرز عن الجدال في الحج. وإليه أشار أبو حنيفة رحمه الله فقال: إذا جمع بينهما ساء خلقه وجادل رفيقه والجدال في الحج منهي عنه (5). وأما إذا أمن ذلك فهو أفضل.
ثم بين مسافة (6) تبعيد جهنم خمسين عاما.
6 - وذكر بعد هذا عن عمرو بن عنبسة (6) السلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام يوما في سبيل الله تعالى بوعد (8) من النار مسيرة مائة عام.