يروى فاحتل (1) بمعنى احتال. والأصح هو الأول، والمعنى أنه رفعه على وجه لم يشعر به أحد.
وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم (18 آ) أنه فعله على وجه المزاح لا على قصد السرقة، ولكن مع هذا قال ذلك، لأنه حين لم ير قرنه أفزعه ذلك، والذي مازحه هو الذي أفزعه. فقال: " لا يحل لامرئ مسلم أن يروع أخاه المسلم ".
فيه بيان عظم حرمة المؤمنين وعظم حرمة المجاهدين في سبيل الله تعالى.
وقد ورد في نظيره آثار مشهورة.
عن الحسن أن رجلا سل سيفه على رجل فجعل يفرقه (2). فبلغ ذلك الأشعري فقال: لا زالت الملائكة تلعنه حتى غمده. وفى رواية أغمده (3).
يحتمل أنه أراد به مالكا الأشعري، والأصح أنه أراد أبا موسى الأشعري (4) وهو كالمرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (5)، لان هذا ليس من باب ما يعرف بالرأي. وفيه دليل على عظم وزر من روع مسلما بأن شهر عليه سلاحا وإن لم يكن من قصده أن يضربه (6).
وجاء في الحديث: " من شهر سلاحا على مسلم فقد أطل دمه ". أي أهدره.
وفى قوله: ما زالت الملائكة تلعنه، إشارة إلى هذا. فإن الملائكة يستغفرون للمؤمن، وإنما يلعنونه إذا تبدلت صفته. فإنما يحمل على من يفعل ذلك مستحلا قتل المسلم فيصير كافرا أو قاصدا قتله لايمانه.