فما يكون فرضا عينا فهو أقوى، فلهذا استثنى الفرائض من جملة ما فضل رسول الله عليه السلام الجهاد عليه.
قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت من قتل في سبيل الله هل ذاك مكفر عنه خطاياه؟ قال: فسكت ساعة حتى ظننا أنه قد أوحي إليه، ثم قال: نعم. إذا قتل محتسبا صابرا مقبلا غير مدبر، إلا الدين فإنه مأخوذ به، كما زعم جبريل عليه السلام.
فيه بيان علو درجة الشهداء والشهادة حيث جعل الله [الشهادة] سببا لتمحيص الخطايا.
وقد جاء في الحديث عن النبي عليه السلام أنه قال: " من استشهد في سبيل الله فأول قطرة تقطر من دمه تغفر له جميع ذنوبه، وبالقطرة الثانية يكسى حلة الكرامة، وبالقطرة الثالثة يزوج الحور العين ". وهو معنى الحديث المعروف:
" السيف محاء للذنوب إلا الدين ".
ومن علو حال الشهداء ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: " إن الله جعل أرواح من استشهد في إخوانكم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، ثم تأوى إلى قناديل معلقة في ظل العرش. فلما أصابوا طيب مأكلهم ومشربهم قالوا: (19 آ) ليت إخواننا يعلمون ما نحن فيه فيجدون في الجهاد. فيقول (1) الله تعالى: إني مبلغهم عنكم. وهو تأويل قوله تعالى (2) {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} (3).
ثم هذه الدرجة للشهيد إذا كان راغبا فيها، وذلك بأن (4) يكون محتسبا صابرا مقبلا.