أن يضجر من ذلك، فرسول الله عليه السلام لم ينكر عليه تكرار السؤال، والصحابة أمروه بالإعادة مع أنهم كانوا معظمين له، وكانوا لا يمكنون أحدا في ترك تعظيمه، فعرفنا أنه ليس في إعادة السؤال ترك التعظيم.
ثم تأويل الحديث من وجهين:
أحدهما أن يرى الخارج من نفسه أنه يريد الجهاد ومراده في الحقيقة إصابة المال. فهذا حال (1) المنافقين في ذلك الوقت، وهذا لا أجر له.
أو يكون المراد أن يخرج على قصد الجهاد ويكون معظم مقصوده تحصيل المال في الدنيا، لا نيل الثواب في الآخرة. وفى حال مثله قال عليه السلام:
" ومن كانت هجرته إلى الدنيا يصيبها أو إلى امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ". وقال للذي استؤجر على الجهاد بدينارين: " إنما لك ديناراك في الدنيا والآخرة ". فأما إذا كان معظم مقصوده الجهاد وهو يرغب في ذلك في الغنيمة فهو داخل في جملة مال قال الله تعالى (19 ب) {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} (2) يعنى التجارة في طريق الحج. فكما أن هناك لا يحرم ثواب الحج فهاهنا لا يحرم ثواب الجهاد.
18 - وقال: وعن خيثمة (3) قال: أتيت أبا الدرداء رضي الله عنه فقلت: رجل أوصى إلى فأمرني أن أضع وصيته حيث تأمرني. فقال:
لو كنت أنا لكنت أضعها في المجاهدين في سبيل الله، فهو أحب إلى من أن أضعها في الفقراء والمساكين. وإنما مثل الذين ينفق (4) عند الموت كمثل الذي يهدى إذا شبع.