شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٦٤
حتى قتل وألقى بيده إلى التهلكة؟ فقال: كلا، ولكنه تأول آية من كتاب الله وهو قوله تعالى {ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله} (1).
فأما إذا كان يعلم أنه لا ينكى فيهم فإنه لا يحل له أن يحمل عليهم.
لأنه لا يحصل بحملته شئ مما يرجع إلى إعزاز الدين، ولكنه يقتل فقط. وقد قال الله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم} (2).
وهذا بخلاف ما إذا أراد أن ينهى قوما من فساق المسلمين عن منكر وهو يعلم أنهم لا يمتنعون بنهيه، وأنهم يقتلونه، فإنه لا بأس له بالاقدام على ذلك، وهو العزيمة. وإن كان يجوز له أن يترخص بالسكوت لان القوم هناك يعتقدون ما يأمرهم به، فلا بد من أن يكون فعاله مؤثرا في باطنهم.
فأما الكفار غير معتقدين لما يدعوهم إليهم، فالشرط أن تكون حملته بحيث تنكى فيهم ظاهرا، فإذا كان لا ينكى لا يكون مفيدا فيما هو المقصود فلا يسعه الاقدام عليه. والله الموفق.

(1) سورة البقرة، 2، الآية 207.
(2) سورة النساء، 4، الآية 29.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»