وعن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم قالوا: إذا عدل السلطان فعلى الرعية الشكر، وللسلطان الاجر. وإذا جار فعلى الرعية الصبر، وعلى السلطان الوزر.
فهذا كله لبيان أنه لا ينبغي أن يترك الجهاد بما يصنعه الامراء من الجور والغلول.
قال: (1) فإذا أردت ذلك فاجعل طريقك على. فمررت بالمدينة.
فقال: إني أحب أن أعينك في وجهك هذا بطائفة من مالي. قلت:
إذا لا أقبل. إني رجل قد وسع الله عليه. قال: إن غناك لك. إني أحب أن تكون طائفة من مالي في هذا الوجه. فانطلق يلتمس القرض فلم يجد أحدا يقرضه، فقال: أتخافون أن لا أقضيكم؟ ثم كتب إلى قيم له بالشام أن يدفع إلى (2) دنانير قد سماها أستعين بها على وجهي.
وفيه دليل على أنه لا ينبغي للغازي، وإن كان غنيا، أن يمتنع من قبول المال إذا علم أن المعطى يعطيه من حلال على وجه الرغبة في الجهاد بالمال، لان الامتناع عن قبول ذلك في صورة المنع مما هو طاعة، وذلك لا يحل.
قال: فانطلقت فلم أزل (3) مرابطا في جزيرة من البحر سنين، ثم بدا لبعض أمراء المؤمنين أن يخرب تلك الجزيرة ويخرج أهلها منها. فوالله لكأنما جئ بي سبيا حيث رجعت إلى أهلي.