فقال معن: أحسنت والله، وإن كان الشعر لغيرك، يا غلام أعطهم أربعة آلاف، أربعة آلاف، يستعينون بها على أمورهم إلى أن يتهيأ لنا فيهم ما نريد. فقال الغلام:
يا سيدي أجعلها دنانير أم دراهم؟ فقال معن: والله لا تكون همتك أرفع من همتي صفرها لهم.
أخبرني الأزهري، حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا ابن دريد، أخبرنا أبو عثمان - يعني الأشنانداني - عن الثوري عن أبي عبيدة قال: وقف شاعر بباب معن بن زائدة حولا لا يصل إليه، وكان معن شديد الحجاب فلما طال مقامه سأل الحاجب أن يوصل له رقعة - وكان الحاجب حدبا عليه - فأوصل الرقعة فإذا فيها:
إذا كان الجواد له حجاب * فما فضل الجواد على البخيل؟
فألقى معن الرقعة إلى كتابه وقال أجيبوه عن بيته، فخلطوا وأكثروا ولم يأتوا بمعنى، فأخذ الرقعة وكتب فيها:
إذا كان الجواد قليل مال * ولم يعذر تعلل بالحجاب فقال الشاعر: إنا لله أيؤيسني من معروفه! ثم ارتحل منصرفا. فسأل معن عنه فأخبر بانصرافه فأتبعه بعشرة آلاف وقال هي لك عندنا في كل زورة.
أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، أخبرنا أبو غسان قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم ابن خنيس الصبحي قال: مدح مطيع بن إياس معن بن زائدة فقال له معن: إن شئت مدحتك، وإن شئت أثبتك، فاستحيا من اختيار الثواب، وكره اختيار المدح وكتب إليه:
ثناء من أمير خير كسب * لصاحب مغنم وأخي ثراء ولكن الزمان برى عظامي * وما مثل الدراهم من دواء فأمر له بألف دينار.
أخبرنا أحمد بن عمر بن روح، أخبرنا المعافى بن زكريا، حدثنا يزداد بن عبد الرحمن الكاتب، حدثنا أبو موسى - يعني عيسى بن إسماعيل البصري - حدثني العتبي قال: قدم معن بن زائدة بغداد فأتاه الناس، وأتاه ابن أبي حفصة، فإذا المجلس غاص بأهله فأخذ بعضادتي الباب ثم قال:
وما أحجم الأعداء عنك بقية * عليك ولكن لم يروا نيل مطعما له راحتان الجود والحتف فيهما * أبى الله إلا أن تضر وتنفعا