وكان إماما من أئمة المسلمين، وعلما من أعلام الدين، مجمعا على إمامته بحيث يستغني عن تزكيته، مع الإتقان، والحفظ، والمعرفة، والضبط، والورع والزهد.
وورد بغداد غير مرة، فمنها حين أراد الخروج إلى خراسان، ويقال: إن نسيبا له كان ببخارى مات، فخرج لأخذ ميراثه.
أخبرنا أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد ابن سليمان الحافظ - ببخارى - حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن موسى بن جعفر البزاز، حدثنا عبد الله بن محمد بن الحارث، حدثنا محمد بن الحسين بن حفص، حدثنا عباد بن يعقوب قال: سمعت يونس بن أبي يعقوب العبدي يقول: أراد سفيان الثوري الشخوص إلى خراسان لحاجة عرضت له، ولزيارة أقاربه، فأخفى ذلك عن أصحابه، فبلغني عن بعض بطانته ذلك فتجهزت للمضي معه وهو لا يشعر، وتجهز بعض أصحابنا بمثل الذي تجهزت، فلما خرج خرج خفيا، فسبقناه إلى بغداد، فلما ورد بغداد أخفى نفسه، فخرجنا إلى حلوان معه وهو كاره ذلك، فكنا معه إلى أن عبرنا النهر، ووافينا بخارى فأقمنا معه ببخارى الكثير إلى أن قضيت حاجته، فتشفع إليه أقرباؤه بأن يقيم بين أظهرهم أكثر، فما أقام. فقال: قد كنت نويت ذلك إلا أنه لابد من الرجوع فرجع ورجعنا معه، وأسرع السير حتى قدمنا الكوفة.
أخبرنا محمد بن عمر بن بكير المقرئ، أخبرنا الحسين بن أحمد الهروي قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن ياسين، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثنا أبو محمد عبد الله بن هناد الخزاعي، عن يعلى بن عبيد أنه قال: أول ما جلس سفيان الثوري بخراسان ببخارى، قيل له: كيف ذاك؟ قال: كان له عم بها فمات، فخرج سفيان في طلب الميراث وهو ابن ثمان عشرة سنة.
قلت: إن كان هذا القول ثابتا في مبلغ سن سفيان وقت خروجه، فإن القصة التي ذكرها يونس بن أبي يعقوب كانت بعد ذلك، ولعله خرج إلى بخاري غير مرة فالله أعلم.