قلت: وكان سلم مذكورا بالعبادة والزهد، خشن الطريقة، وكان يذهب إلى الإرجاء.
أخبرني علي بن أحمد الرزاز، أخبرنا حامد بن محمد الهروي قال: سمعت أبا زكريا يحيى بن عبد الله بن ماهان يقول: سمعت محمد بن إسحاق - هو اللؤلؤي - يقول: رأيت سلم بن سالم مكث أربعين سنة لم نر له فراشا، ولم ير مفطرا إلا يوم فطر أو أضحى، ولم يرفع رأسه إلى السماء أكثر من أربعين سنة.
أخبرني علي بن محمد بن الحسن المالكي، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصفار، أخبرنا محمد بن عمران الصيرفي، حدثنا عبد الله بن علي بن المديني قال: سمعت أبي يقول: أخبرني أبو يحيى قال: صحبت سلم بن سالم في طريق مكة، فما رأيته وضع جنبه في المحمل إلا ليلة واحدة، ومد رجليه ثم استوى جالسا.
قرأت في كتاب أحمد بن قاج الوراق بخطه سماعه من علي بن الفضل بن طاهر البلخي قال: سمعت عبد الرحمن بن محمد بن سليمان يقول: سمعت سليمان بن محمد القاضي يقول: سمعت أبا عمران يقول: سمعت أبا مقاتل السمرقندي يقول:
سلم بن سالم عين من عيون الله في الأرض، وسلم بن سالم في زماننا كعمر بن الخطاب في زمانه.
وسمعت عبد الله بن محمد بن الحكم - وكان شيخا مسنا -. قال: دخل سلم بن سالم بغداد فشنع على هارون أمير المؤمنين فحبسه، فكان يدعو في حبسه: اللهم لا تجعل موتي في حبسه، ولا تمتني حتى ألقي أهلي، فمات هارون فخلت عنه زبيدة، فخرج إلى الحج فوافى أهله بمكة قدموا حجاجا، فمرض فاشتهى الجمد، فأبردت السماء فجمعوا له فأكل ومات.
أخبرني الأزهري، حدثنا محمد بن العباس، أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب، حدثنا الحسين بن فهم، حدثنا محمد بن سعد قال: سلم بن سالم البلخي يكنى أبا محمد، وكان مرجئا ضعيفا في الحديث، ولكنه كان صارما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وكانت له رئاسة بخراسان، فبعث إليه هارون أمير المؤمنين فأقدمه عليه فحبسه، فلم يزل محبوسا إلى أن مات هارون، ثم أخرجه محمد بن هارون حين ولى الخلافة من سجن الرقة، فقدم بغداد فأقام بها قليلا، ثم خرج إلى خراسان فمات بها.