درهما، فتركته وعادت الجمعة الثانية، وقد كنت أخذته فلم تره، فبكت وصاحت فقلت: ما يبكيك؟ فقالت: الدينار سرقته؟ فقلت لها: مات دينارك في النفاس، فبكت فقلت لها: تصدقين بالولادة ولا تصدقين بالموت في النفاس!. قيل إن أشعب توفى سنة أربع وخمسين ومائة.
3500 - أبان بن عبد الحميد بن لاحق بن عفير، مولى بني رقاش:
من أهل البصرة. شاعر مطبوع، مقدم في العلم بالشعر والحفظ له، قدم بغداد، فاتصل بالبرامكة، وانقطع إليهم وحمل لهم كتاب كليلة ودمنة، فحسن موقعه منهم.
ويقال إنه قلب الكتاب في ثلاثة أشهر إلى الشعر، وهو أربعة عشر ألف بيت. وذكر حمدان ابنه أنه كان يصلى ولوح موضوع بين يديه، فإذا صلى أخذ اللوح فملأه من الشعر الذي صنعه، ثم يعود إلى صلاته، وعمل أيضا قصيدة ذات الحلل ذكر فيها مبتدأ الخلق، وأمر الدنيا، وأشياء من المنطق، وغير ذلك، وهي قصيدة مشهورة. وله مدائح في هارون الرشيد، وفى الفضل بن يحيى بن خالد، وقيل إنه كان جميل الطريقة حسن التدين متألها.
قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال أخبرني محمد ابن العباس حدثنا محمد بن موسى البربري حدثنا حماد بن إسحاق قال: ألزم يحيى ابن خالد البرمكي أبان بن عبد الحميد دارا لا يخرج منها حتى ينقل كتاب كليلة ودمنة من الكلام إلى الشعر فنقله، فوهب له عشرة آلاف دينار. قال: ويقال إن كل كلام نقل إلى شعر فالكلام أفصح منه إلا كتاب كليلة ودمنة.
قال المرزباني وأخبرني محمد بن يحيى حدثنا القاسم بن إسماعيل حدثني محمد ابن صالح الهاشمي حدثني ابن لأبان بن عبد الحميد اللاحقي. قال: أحب يحيى بن خالد أن يحفظ كتاب " كليلة ودمنة " فاشتد عليه ذلك، فقال له أبان بن عبد الحميد:
أنا أعمله شعرا ليخف على الوزير حفظه، فنقله إلى قصيدة عملها مزدوجة. عدد أبياتها أربعة عشر ألف بيت في ثلاثة أشهر، فأعطاه يحيى بن خالد عشرة آلاف دينار. وأعطاه الفضل خمسة آلاف دينار. وقال له جعفر بن يحيى: ألا ترضى أن أكون راويتك لها؟ ولم يعطه شيئا. قال: فتصدق بثلث المال الذي أخذه. وكان أبان