حدثني أبي عن أبيه. قال: حضرت الحسن بن سهل وجاءه رجل يستشفع به في حاجة فقضاها، فأقبل الرجل يشكره، فقال له الحسن بن سهل: علام تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاة، كما أن للمال زكاة؟ ثم أنشأ الحسن يقول:
- فرضت علي زكاة ما ملكت يدي * وزكاة جاهى أن أعين وأشفعا - - فإذا ملكت فجد وإن لم تستطع * فاجهد بوسعك كله أن تنفعا - أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي حدثنا محمد بن عبد الرحمن المازني حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدثنا جعفر بن أبي العيناء. قال: لما مات الحسن بن سهل قال أبي: والله لئن أتعب المادحين لقد أطال بكاء الباكين، ولقد أصيبت به الأيام، وخرست بموته الأقلام، ولقد كان بقية وفى الناس بقية، فكيف اليوم وقد بادت البرية؟
أخبرني محمد بن علي الصوري أخبرنا الحسن بن حامد الأديب حدثنا علي بن محمد بن سعيد الموصلي قال قرئ على الحسن بن عليل وأنا أسمع: حدثكم مسعود ابن بشر المازني حدثنا يأنس بن عبد الله الخادم. قال: سأل محمد بن عبد الملك الزيات أبا دلف القاسم بن عيسى العجلي عرض رقعة على الحسن بن سهل فعرضها عليه فقال له الحسن: نحن في شغل عن هذا. فقال له أبو دلف: مثلك أطال الله بقاءك لا يشتغل عن محمد بن عبد الملك. فقال لخازنه: احمل مع أبي دلف إليه عشرين ألف درهم، قال فلما وصلت إلى محمد كتب إليه بهذين البيتين:
- أعطيتني يا ولى الحق مبتديا * عطية كافأت مدحي ولم ترني - - ما شمت برقك حتى نلت ريقه * كأنما كنت بالجدوى تبادرني - فعرضها أبو دلف على الحسن بن سهل فقال: يا غلام احمل إلى محمد خمسة آلاف دينار.
أخبرني أبو القاسم الأزهري أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة. قال: سنة ست وثلاثين - يعنى ومائتين - فيها مات الحسن بن سهل، وقد أتت له سبعون سنة، وكان من أسمح الناس وأكرمهم فحدثني بعض ولده أنه رأى سقاء يمر في داره، فدعا به فقال: ما حالتك؟ فشكا ضيقه، وذكر أن له ابنة يريد زفافها. فأخذ ليوقع له بألف درهم فأخطأ فوقع بألف ألف درهم، فأتى بها السقاء وكيله فأنكر ذلك، وتعجب أهله منه واستعظموه، وتهيبوا مراجعته، فأتوا