تستوحش، أليس حبيبك معك؟! حدثنا عبد العزيز بن الوراق حدثنا علي بن عبد الله الهمذاني. قال سمعت الخلدي يقول: خرجت سنة من السنين إلى البادية، فبقيت أربعة وعشرين يوما لم أطعم فيها طعاما، فلما كان بعد ذلك رأيت كوخا وفيه غلام، فقصدت الكوخ فرأيت الغلام قائما يصلي، فقلت في نفسي: بالعشى يجئ إلى هذا طعام فآكل معه، فبقيت تلك الليلة والغد وبعد غد ثلاثة أيام لم يجئه أحد بطعام. ولا رأيت أحدا، فقلت: هذا شيطان ليس هذا من الناس، فتركته وانصرفت، فلما كان بعد وقت أنا قاعد في منزلي أميز شيئا من الكتب، إذا بداق يدق الباب، فقلت: من هذا؟ ادخل، فدخل الغلام وقال لي: يا جعفر أنت كما سميت، جاع فر!
أخبرنا رضوان بن محمد بن الحسن الدينوري قال سمعت معروف بن محمد بن معروف الصوفي - بالري - قال: سمعت الخلدي يقول: إني أخاف أن يوقفني المشايخ بين يدي الله تعالى يقولون لم أخرجت أسرارنا إلى الناس؟!
أخبرنا علي بن المحسن القاضي - غير مرة - قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري. قال: قال لي جعفر الخلدي: وقفت بعرفة ستا وخمسين وقفة منها إحدى وعشرون على المذهب! فقلت لأبي إسحاق: أي شئ أراد بقوله على المذهب؟ فقال: يصعد إلى قنطرة الياسرية فينفض كميه حتى يعلم أنه ليس معه زاد ولا ماء، ويلبي ويسير!!
أخبرنا أبو حاتم أحمد بن الحسن حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدون يقول سمعت جعفر الخلدي يقول: حججت نيفا وعشرين حجة على قدمي، ما حملت في شئ منها زادا ولا درهما ولا دينارا. وكنت إذا نزل الناس في المنزل يكون حولي من المأكول والمشروب ما يكفي جماعة، فلما كان يوم من الأيام لقيتني امرأة ومعي ركوة فارغة فقالت: هل أصب لك فيها ماء؟ قلت: افعلي، فصبت في ركوتي الماء ومشيت فأثقلني فصببته في أصل شجرة ثم سرت. وكان حالي في جميع الحج ما ذكرته.
أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الواحد أخبرنا محمد بن الحسين النيسابوري قال: سمعت أبا سعيد الرازي يقول: لقيت جعفرا آخر ما لقيته وكان قد حج أربعا وخمسين حجة، ثم حج بعد ذلك حججا. قال محمد بن الحسين: حج جعفر ستين حجة!
أخبرنا علي بن محمود الصوفي قال: سمعت أبا القاسم القصري في دار أبي مسلم ابن مامكا يقول: رأينا جعفر الخلدي في آخر عمره وفي فرد رجله جورب من جلود.