للناس موضعه، والشعري الذي استشعر ما يدور في العامة من ذكره غير حال يعرفه مع ربه فهو مستشعر لذلك مسرور به، والصوفي هو الذي اشتق اسمه من الصفاء فصفا ونأى.
أخبرنا أبو عبيد محمد بن محمد بن علي النيسابوري، أخبرنا علي بن محمد القزويني، أخبرنا علي بن أحمد البرناني قال: أنشدني محمد بن الحسين قال:
أنشدني إبراهيم بن فاتك لإبراهيم الخواص:
لقد وضح الطريق إليك حقا * فما أحد أرادك يستدل فإن ورد الشتاء فأنت صيف * وإن ورد المصيف فأنت ظل حدثنا أبو نصر إبراهيم بن هبة الله بن إبراهيم الجرباذقاني - بها لفظا - حدثنا معمر ابن أحمد بن محمد بن زياد الأصبهاني قال: سمعت أبا مسلم السقا يقول: سمعت بعض أصحابنا يحكي عن إبراهيم الخواص أنه قال: كان لي وقتا فترة فكنت أخرج كل يوم إلى شط نهر كبير كان حواليه الخوص، فكنت أقطع شيئا من ذلك وأسفه قفافا فأطرحه في ذلك النهر، وأتسلى بذلك وكأني كنت مطالبا به، فجرى وقتي على ذلك أياما كثيرة، فتفكرت يوما وقلت: أمضي خلف ما أطرحه في الماء من القفاف لأنظر أين يذهب! فكنت أمضي على شط النهر ساعات ولم أعمل ذلك اليوم، حتى أتيت في الشط موضعا وإذا عجوز قاعدة على شط النهر وهي تبكي، فقلت لها مالك تبكين؟ فقالت: اعلم أن لي خمسة من الأيتام مات أبوهم، فأصابني الفقر والشدة، فأتيت يوما هذا الموضع فجاء على رأس الماء قفاف من الخوص فأخذتها وبعتها وأنفقت عليهم، فأتيت اليوم الثاني والثالث والقفاف تجيء على رأس الماء، فكنت آخذها وأبيعها حتى اليوم، فاليوم جئت في الوقت وأنا منتظرة وما جاءت. قال إبراهيم الخواص: فرفعت يدي إلي السماء وقلت: إلهي لو علمت أن لها خمسة من العيال لزدت في العمل، فقلت للعجوز: لا تغتمي فإني الذي كنت أعمل ذلك، فمضيت معها ورأيت موضعها، فكانت فقيرة كما قالت، فأقمت بأمرها وأمر عيالها سنين. أو كما قال.
حدثنا عبد العزيز بن علي الوراق، حدثنا علي بن عبد الله الهمذاني، حدثنا إبراهيم ابن أحمد بن علي، حدثنا أبو بكر الكتاني، قال: رأيت كأن القيامة قد قامت، فأول