وكان يحب الاكثار من كتابة الحديث ويقول: أشتهي أن أقع على شيخ عنده بيت ملئ كتبا أكتب عنه وحدي (1).
وقال فيه الإمام أحمد: كل حديث لا يعرفه يحيى بن معين فليس هو بحديث وفي رواية فليس هو ثابتا.
وقال علي بن المديني:
ما نعلم أحدا من لدن آدم (!) كتب من الحديث ما كتبه يحيى بن معين (2).
ومع هذه الذخيرة الكبيرة عنده في الحديث كان يتقلل من الرواية والتحديث، ولم يكن يعقد الحلقات المعروفة لدى أقرانه من المحدثين للامام والرواية، والظاهر أنه خصص نفسه لنوع خاص من علم الحديث وهو نقد الروايات والجرح والتعديل. فنجد له مجموعة كبيرة في هذا الجانب، كما نجد نقولا كثيرة عنه في كتب الرجال.
ومما يؤيد ذلك أن أبا داود وهو أحد الرواة الذين دونوا عنه مادة النقد ولازموه، لم يخرج له في كتاب السنن إلا خمسة وعشرين حديثا فقط على سعة كتابه، واستيعابه قدرا كبيرا من أحاديث الاحكام، في حين أن كتابه ملئ بالرواية عن أحمد ومسدد وغيرهما ممن هو مثله أو دونه في جمع الروايات (3).
وكذلك الامام العجلي، أبو الحسن، أحمد بن عبد الله بن صالح (182 - 261) كان كثير التلقي كبير الحفظ، وقد أخذ من أكثر أئمة عصره