وأرسل له محمد بن سليمان السرخسي عشرة آلاف درهم فقال أحمد لرسول محمد السرخسي: جزاه الله خيرا نحن في غنى وسعة وأبي أن يأخذها، فراجعه فقال: دعنا نكن أعزاء.
معيشة الإمام أحمد:
إن طلب العلم والفقه كاد أن يكون متلازما للفقر، فبقدر ما يصرف المرء همه وهمته في الطلب والتحصيل ينقص حظه من الدنيا إلا أن يكون له مورد غير الكسب الخاص وإذا زاد على ذلك زهد الطبع والقناعة البالغة فلا تسأل عن ضيق معيشته وإن الطالب المثالي لهذه الأمة وفقيه الصحابة، أبا هريرة رضي الله عنه يروي لنا من حاله في الطلب ثم فقره وعوزه، فيما أخرجه البخاري في صحيحه من كتاب العلم قال باسناده:
قال أبو هريرة رضي الله عنه، إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة، ولولا آتيان في كتاب الله ما حدثت حديثا. ثم يتلو " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات إلى قوله الرحيم ".
إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون.
وكان الإمام أحمد من أولئك المخلصين للطلب والتحصيل، ولم يتفرغ لتجارة ولا لعمل خاص مستمر، وانما اقتنع باليسير مما كان يأتيه من كراء دار له ومن عمله بيده أو بيد أهله.
ذكر ابن الجوزي في المناقب: