سنة وفي الأربعين تتناهى عزيمة الانسان، وقوته، ويتوفر عقله، ويجود رأيه. ا ه.
ويبدو أن الإمام أحمد لم يتصدر للتحديث والفتوى إلا بعد الأربعين، وقبله كان متفرغا للطلب والاخذ والجمع مشغولا بالرحلات الكثيرة للقي المشايخ.
ذكر ابن الجوزي عن الحجاج بن الشاعر، أنه جاء إلى أحمد بن حنبل، فسأله أن يحدثه في سنة 203 (يعني وعمره كان آنذاك 39 سنة) فأبى أن يحدثه. فخرج إلى عبد الرزاق، ثم رجع في سنة أربع يعني ومائتين، وقد حدث أحمد، واستوى الناس عليه، وكان له في هذا اليوم أربعون سنة.
ثناء الأئمة عليه:
فلما جلس للتحديث ضربت إليه أكباد الإبل وشدت إليه الرحال من كل صوب للنهل من معينه الثر. وذاع في الأقطار الاسلامية المترامية الاطراق صيته، وظهر علمه وفضله على الناس من إخوانه وأصحابه حتى اعترف بفضله شيوخه، وأثنوا عليه ثناء يستحقه هذا الامام الزاهد المجاهد العابد، الفقيه.
قال الشافعي رحمه الله: رأيت ببغداد ثلاث أعجوبات رأيت بها نبطيا يتنحى علي حتى كأنه عربي وكأنه نبطي، ورأيت أعرابيا يلحن حتى كأنه نبطي، ورأيت شابا وخطه الشيب فإذا قال: حدثنا قال الناس كلهم:
صدق.
قال المزني: فسألته، فقال: الأول، الزعفراني والثاني، أبو ثور الكلبي، وكان لحانا، وأما الشاب فأحمد بن حنبل.