العلل - أحمد بن حنبل - ج ١ - الصفحة ٥١
فإن شئت خذ قرضا، وإن شئت صلة، فأبى أن يفعل، فقلت: تكتب لي بأخذه؟ قال: نعم، فأخرجت دينار فأبى أن يأخذه، وقال: اشتر لي ثوبا واقطعه بنصفين، فأومى أنه يأتزر بنصف، ويرتدي بالنصف الاخر، وقال: جئني ببقيته، ففعلت وجئت بورق وكاغذ فكتب لي فهذا خطه.
وذكر ابن الجوزي عن صالح أنه سمع أباه يقول: خرجت إلى الكوفة فكنت أبيت وتحت رأسي لبنة، فحممت، فرجعت إلى أمي ولم أكن استأذنتها.
وبهذه النفس الأبية وبكد العيش وضنك المعيشة متوكلا على الله خرج في سبيله يجوب البراري، والقفار يفترش الأرض الجرداء ويرتدي برداء السماء يتوسد باللبن والأحجار، يلتقي المشايخ ويتلقى منهم الحديث، حتى صار إماما يقتدى به، وحجة يشار إليه بالبنان، ويرجل إليه للاخذ والسماع.
تصدره للتحديث والفتوى:
حرث عادة أغلب المحدثين رحمة الله عليهم أن لا يجلس الواحد منهم إلا بعد ادراك الفكر ونضوج الرأي واكتمال القوة العقلية.
قال ابن خلاد الرامهرمزي في المحدث الفاصل وعنه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع:
" الذي يصح عندي من طريق الأثر والنظر في الحد الذي إذا بلغه الناقل حسن به أن يحث هو أن يستوفى الخمسين، لأنها انتهاء الكهولة، وفيها مجتمع الأثر... وليس بمستنكر أن يحدث عند استيفاء الأربعين، لأنها حد الاستواء ومنتهى الكمال. نبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»