والله لقد كنت أمرت به معروفا ثم قال الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي إلى الاسلام ثم قال لابن عباس لقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة فقال بن عباس إن شئت فعلنا فقال أبعد ما تكلموا بكلامكم وصلوا بصلاتكم ونسكوا نسككم فقال له الناس ليس عليك بأس فدعا بنبيذ فشربه فخرج من جرحه ثم دعا بلبن فشربه فخرج من جرحه فلما ظن أنه الموت قال يا عبد الله بن عمر انظر كم علي من الدين قال فحسبه فوجده ستة وثمانين ألف درهم قال يا عبد الله إن وفى لها مال آل عمر فأدها عني من أموالهم وإن لم تف أموالهم فاسأل فيها بني عدي بن كعب فإن لم تف من أموالهم فاسأل فيها قريشا ولا تعدهم إلى غيرهم ثم قال يا عبد الله اذهب إلى عائشة أم المؤمنين فقل لها يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست لهم اليوم بأمير يقول تأذنين له أن يدفن مع صاحبيه فأتاها بن عمر فوجدها قاعدة تبكي فسلم عليها ثم قال يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه فقالت قد ولله كنت أريده لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي فلما جاء قيل هذا عبد الله بن عمر فقال عمر ارفعاني فأسنده رجل إليه فقال ما لديك فقال أذنت لك قال عمر ما كان شئ أهم إلي من ذلك المضجع يا عبد الله بن عمر انظر إذا أنا مت فاحملني علي سرير ثم قف بي على الباب فقل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فأدخلني وإن لم تأذن فادفني في مقابر المسلمين فلما حمل فكأن المسلمين لم تصبهم مصيبة إلا يومئذ قال فأذنت له فدفن رحمه الله حيث أكرمه الله مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وقالوا له حين حضره الموت استخلف فقال لا أجد أحدا أحق بهذا الامر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فأيهم استخلف فهو الخليفة
(٣٣٨)