كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٤٢٣
كل شئ مقارنا لارادتهم ومشيتهم.
وهذا وإن كان العقل لا يعارضه كفاحا، لكن الاخبار السالفة تمنع من القول به فيما عدا المعجزات ظاهرا بل صراحا، مع أن القول به قول بما لا يعلم، إذ لم يرد ذلك في الأخبار المعتبرة فيما نعلم.
وما ورد من الأخبار الدالة على ذلك كخطبة البيان وأمثالها، فلم يوجد إلا في كتب الغلاة وأشباههم، مع أنه يحتمل أن يكون المراد كونهم علة غائية لايجاد جميع المكونات، وأنه تعالى جعلهم مطاعين في الأرضين والسماوات، ويطيعهم بإذن الله تعالى كل شئ حتى الجمادات، وأنهم إذا شاؤوا أمرا لا يرد الله مشيئتهم ولكنهم لا يشاؤون إلا أن يشاء الله.
وأما ما ورد من الاخبار في نزول الملائكة والروح لكل أمر إليهم، وأنه لا ينزل ملك من السماء لأمر إلا بدأ بهم، فليس ذلك لمدخليتهم في ذلك ولا الاستشارة بهم، بل له الخلق والامر تعالى شأنه، وليس ذلك إلا لتشريفهم إكرامهم وإظهار رفعة مقامهم " (1).
وما ذكره هو الحق، إلا أن ظواهر الآيات والروايات في المعاجز على خلاف ما اختاره، لظهورها في كون المعجزات مستندة إليهم أنفسهم بإذن الله. قال سبحانه: * (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني) * المائدة 110 فان الخطايات دليل على أنهم عليهم السلام قائمون بها بإذن الله . وللبحث مجال آخر.
الثاني: تفويض الحلال والحرام إليهم، أي فوض إليهم أن يحللوا ما شاؤوا ويحرموا أيضا ما شاؤوا، وهذا أيضا ضروري البطلان، فان النبي ليس

(١) بحار الأنوار: ج ٢٥، الصفحة 347.
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»
الفهرست