كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٤٢٧
الثالث: تفويض بيان العلوم والاحكام، وهذا مما لا شك ولا شبهة فيه، قال سبحانه: * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) * النحل: 89 وقال سبحانه: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * النحل: 44 وهذه الآية تفيد أن من شؤون النبي مضافا إلى التلاوة هو تبيين ما نزل إليه من الآيات الحكيمة.
والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جدا. قال الباقر عليه السلام مخاطبا لجابر: " يا جابر لو كنا نحدثكم برأينا وهوانا، كنا من الهالكين، ولكنا نحدثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم " وفي رواية " ولكنا نفتيهم بآثار من رسول الله وأصول علم عندنا نتوارثها كابرا عن كابر ".
وفي رواية محمد بن شريح عن الصادق عليه السلام: " والله ما تقول بأهوائنا ولا نقول برأينا ولكن نقول ما قال ربنا ".
وفي رواية عنه: " مهما أجبتك فيه بشئ فهو عن رسول الله. لسنا نقول برأينا من شئ " (1) إلى غير ذلك من الأحاديث المفيدة أن أحاديثهم مأخوذة عن نبيهم.
غير أنهم عليهم السلام يبينون الاحكام حسب اختلاف عقول الناس، ويفتون حسب المصالح، فتارة يبينون الاحكام الواقعية، وأخرى الاحكام الواقعية الثانوية حسب مصالح المكلفين كما هو معلوم من إفتائهم بالتقية.
قال العلامة المجلسي رحمه الله: " تفويض بيان العلوم والاحكام بما رأوا المصلحة فيها بسبب اختلاف عقولهم، أو بسبب التقية فيفتون بعض الناس بالواقع من الاحكام، وبعضهم بالتقية، ويبينون تفسير الآيات وتأويلها، وبيان المعارف بحسب ما يحتمل عقل كل سائل، ولهم أن يبينوا ولهم أن يسكتوا كما

(١) راجع جامع أحاديث الشيعة: ج ١، المقدمة، الصفحة 17.
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»
الفهرست