كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٤١٨
أقول: ما ذكره من الصنوف وما نسب إليهم من الآراء السخيفة غير ثابت جدا، خصوصا ما زعم من الفرقة السبائية التي أصبحت أسطورة تاريخية اختلقها بعض المؤرخين ونقلها الطبري بلا تحقيق وأخذ عنه الآخرون وهكذا ساق واحد بعد واحد (1).
ويتلوه في البطلان ما نسبه إلى هشام بن حكم من الآراء كالتشبيه وغيره، فإن هذه الآراء مما يستحيل أن ينتحل بها تلميذ الإمام الصادق عليه السلام الذي تربى في أحضانه، ومن الممكن جدا، بل هو الواقع أن رمى هشام بهذه الآراء إنما جاء من جانب المخالفين والحاسدين لفظه والمنكرين لفضل بحثه، فلم يجدوا مخلصا إلا تشويه سمعته بنسبة الأقاويل الباطلة إليه (2).
ومثله ما نسبه إلى محمد بن نعمان أبي جعفر الأحول الملقب بمؤمن الطاق وإن لقبه مخالفوه بشيطان الطاق عصيانا لقوله سبحانه: * (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق) * الحجرات: 11.
هذه ليست أول قارورة كسرت في التاريخ، بل لها نظائر وأماثل كثيرة، فكم من رجال صالحين شوه التاريخ سمعتهم، وكم من أشخاص طالحين قد وزن لهم التاريخ بصاع كبير، وعلى أي تقدير فلا نجد لأكثر هذه الفرق بل جميعها مصداقا في أديم الأرض، ولو وجد من الغلاة من الطراز الذي ذكره الشهرستاني في الجوامع الاسلامية، فإنما هي فرقة العلياوية وهم الذين يقولون بربوبية علي بن أبي طالب عليه السلام وربما يفسر النصيرية أيضا بهذا المعنى (3).

(١) لاحظ كتاب عبد الله بن سباء للعلامة العسكري.
(٢) انظر كتاب هشام بن حكم للعلامة الشيخ نعمة، فقد ألف كتابا في ترجمة هشام بن حكم ونزه ساحته عن تلك المغالاة.
(٣) نقله العلامة المامقاني عن بعض معاصريه. لاحظ مقباس الهداية: الصفحة 146.
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»
الفهرست