كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٤٢١
وقال الصادق عليه السلام: " أبي الله يجري الأشياء إلا بأسباب فجعل لكل شئ سببا، وجعل لكل سبب شرحا، وجعل لكل شرح علما، وجعل لكل علم بابا ناطقا، عرفه من عرفه وجهله من جهله، ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن " (1).
ومع هذا الاعتراف فليس النبي والامام من أسباب الخلق والتدبير، وإنما هم وسائط بين الخالق والخلق في إبلاغ الاحكام وإرشاد العباد، وسائر الفيوض المعنوية من الهداية الظاهرية والباطنية.
فان قلت: قد تواترت الروايات بأنه لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها، وقد عقد الكليني في كتاب الحجة بابا لذلك وقال: " إن الأرض لا تخلو من حجة " وأورد فيه روايات تبلغ ثلاث عشرة رواية (2).
قلت: لا إشكال في صحة هذه الروايات، ولكنها لا تهدف إلى كون النبي والامام من الأسباب والمدبرات التي نزل به الذكر الحكيم، ونطق به الحديث الصحيح، وإنما تهدف إلى أحد أمرين:
الأول: إن النبي والامام غاية لخلق العالم، ولولا تلك الغاية لما خلق الله العالم، بل كان خلقه أمرا لغوا.
وبعبارة أخرى إن العالم خلق لتكون الانسان الكامل فيه، ومن أوضح مصاديقه هو النبي والامام، ومن المعلوم أن فقدان الغاية يوجب فقدان ذيها، ولأجل ذلك يصح أن يقال: إن الانسان الكامل يكون من بسببه الوجود سببية غائية، لا منه الوجود سببية فاعلية معطية له فهو سبب غائي لا علة فاعلية، فاحفظ ذلك فإنه ينفعك.
الثاني: إن الحجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله،

(١) الكافي: ج ١، كتاب الحجة، الصفحة ١٨٣، الحديث ٧.
(٢) الكافي: ج ١، الصفحة 178.
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»
الفهرست