كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٤٢٢
وأنه لولاه لما عرف الحق من الباطل، وقد جرت مشيئته الحكيمة على أن يهديهم إلى سبل الرشاد بعد خلقهم ولا يتركهم سدى. قال سبحانه: * (وما كان ربك مهلك القرى حت يبعث في أمها رسولا) * القصص: 59.
وإلى كلا الوجهين تصريحات في روايات الباب. أما الأول، فعن أبي حمزة قال: " قلت لأبي عبد الله أتبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت ". وأما الثاني، فعن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام قال: " إن الله لم يدع الأرض بغير عالم، ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل " (1).
ولشيخنا العلامة المجلسي كلام في التفويض ننقله بنصه قال:
" وأما التفويض فيطلق على معان بعضها منفي عنهم عليهم السلام وبعضها مثبت لهم.
الأول: التفويض في الخلق والرزق والتربية والإماتة والاحياء، فإن قوما قالوا: إن الله تعالى خلقهم وفوض إليهم أمر الخلق، فهم يخلقون ويرزقون ويميتون ويحيون، وهذا الكلام يحتمل وجهين:
أحدهما أن يقال: إنهم يفعلون جميع ذلك بقدرتهم وإرادتهم وهم الفاعلون حقيقة، وهذا كفر صريح دلت على استحالته الأدلة العقلية والنقلية ولا يستريب عاقل في كفر من قال به.
وثانيهما: أن الله تعالى يفعل ذلك مقارنا لارادتهم كشق القمر وإحياء الموتى وقلب العصا حية وغير ذلك من المعجزات، فان جميع ذلك إنما تحصل بقدرته تعالى مقارنا لارادتهم لظهور صدقهم، فلا يأبى العقل عن أن يكون الله تعالى خلقهم وأكملهم وألهمهم ما يصلح في نظام العالم، ثم خلق

(١) الكافي: ج ١، الصفحة 178، الحديث 5 و 10 وغيرهما من الروايات.
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»
الفهرست