كره المشركون، فكنا أهل البيت أعظم الناس في الدين حظا ونصيبا وقدرا حتى قبض الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) مغفورا ذنبه مرفوعا درجته شريفا عند الله مرضيا، فصرنا أهل البيت منكم بمنزلة قوم موسى من آل فرعون يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، وصار ابن عم سيد المرسلين فيكم بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى حيث يقول: " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " ولم يجمع لنا بعد رسوله شمل ولم يسهل لنا وعر، وغايتنا الجنة وغايتكم النار.
فقال عمرو بن العاص: " أيتها العجوز الضالة! أقصري من قولك وغضي من طرفك " قالت: ومن أنت لا أم لك؟ قال: عمرو بن العاص، قالت: يا بن اللخناء النابغة! أتكلمني أربع على ظلعك واعن بشأن نفسك، فو الله! ما أنت من قريش في اللباب من حسبها ولا كريم منصبها، ولقد ادعاك ستة من قريش كلهم يزعم أنه أبوك، ولقد رأيت أمك أيام منى مع كل عبد عاهر وأنك بهم أشبه.
فقال مروان: " أيتها العجوز الضالة! ساخ بصرك مع ذهاب عقلك فلا يجوز شهادتك " قالت: أتتكلم، فو الله لأنت إلى سفيان بن الحارث بن كلدة أشبه منك بالحكم وأنك لشبهه في زرقة عينيك وحمرة شعرك مع قصر قامة وظاهر دمامة (1) ولقد رأيت الحكم ماد القامة ظاهر اللامة سبط الشعر ما بينكما قرابة إلا كقرابة الفرس الضامر من الأتان المقرب، فاسأل أمك عما ذكرت، فإنها تخبرك بشأن أبيك إن صدقت.
ثم التفت إلى معاوية فقالت: والله ما عرضني لهؤلاء غيرك، وأن أمك القائلة يوم أحد في قتل حمزة:
نحن جزيناكم بيوم بدر * والحرب يوم الحرب ذات السعر (إلى أن قال) قالت: فأجبتها:
يا بنت رقاع عظيم الكفر * خزيت في بدر وغير بدر