فأمر أن ينادى عليها بالخروج من المدينة والإقامة حيث تشاء، فقالت: قد علم الله ما صار إلينا، قتل خيرنا، وانسقنا كما تساق الأنعام، وحملنا على الأقتاب، فوالله!
لا خرجنا وإن أهريقت دماؤنا... الخبر.
فهل يفعل مجنون ما نسب إليها؟ ألم تدر تلك العقيلة أن ابن الزبير كان يسب أباها؟
ألم تدر أن حمل ابن الزبير على الأخذ بثأر الحسين (عليه السلام) كان غرضه وصوله إلى الخلافة؟
ألم تدر أن أهل الكوفة لما كتبوا إلى أخيها الحسين (عليه السلام) بنصره أن أتاهم أتاه ابن الزبير، وقال له: لو كان لي بالكوفة مثل شيعتك ما عدلت بها، ثم خشي أن يتهمه، فقال: أما لو أنك أقمت بالحجاز ثم أردت هذا الأمر ما خولف عليك، ثم قام فخرج، فقال أخو هاشم: إن هذا ليس شيء يؤتاه من الدنيا أحب إليه من أن اخرج من الحجاز، وقد علم أنه ليس له من الأمر معه شيء، فكيف تخطب تلك العقيلة لقيام الناس لتقوية أمر ابن الزبير؟ وهو الذي كان في خطبة جمعته لا يذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع ذكر بني أمية له (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان يعتذر ابن الزبير في عدم ذكره للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن له أهلا سوءا فإذا ذكره تشمخ أنوفهم.
وكيف لم تستشر تلك العقيلة إمام وقتها السجاد (عليه السلام)؟ وحاله في السكوت معلوم، لعلمه بالعاقبة، وأن الأمر يصير إلى المروانيين لم يعاون المختار، ولا قال في قيامه في أخذ ثأر أبيه شيئا.
وكيف تركت تلك العارفة زوجها عبد الله بن جعفر ولم تستأذنه في أمرهما؟
ثم روى بعده خبرا عن محمد أبي القاسم بن علي - والظاهر أن المراد محمد ابن الحنفية -: لما قدمت زينب بنت علي من الشام إلى المدينة مع النساء والصبيان مرت فتنة بينها وبين عمرو بن سعيد، فكتب إلى يزيد يشير عليه بنقلها من المدينة، فكتب بذلك فجهزها هي ومن أراد السفر معها من نساء بني هاشم، فقدمتها لأيام بقيت من رجب.