وفي مقتله (عليه السلام) تاريخ الطبري أصح مقتل - وغالبا ينقل عن مقتل أبي مخنف، ومقتله أصح مقتل - روى الوقائع غالبا بواسطة واحدة: أما ممن كان معه (عليه السلام) ولم يقتل، كعقبة بن سمعان مولى رباب ام سكينة، وغلام عبد الرحمن الأنصاري، والضحاك المشرقي الذي شرط معه (عليه السلام) الدفاع عنه ما دام له أصحاب، وأما ممن كان مع ابن سعد كحميد بن مسلم وغيره.
ويروي الطبري مقتله عن هشام الكلبي، وقد يروي عن هشام الكلبي عن عوانة بن الحكم وهو ينقل الوقائع بلا واسطة، فروى عن هشام، عن عوانة قال: لما قتل عبيد الله الحسين (عليه السلام) وجئ برأسه إليه دعا عبد الملك بن أبي الحارث السلمي، فقال: انطلق حتى تقدم على عمرو بن سعيد فبشره بقتل الحسين، فذهب ليعتل له فزجره - وكان عبيد الله لا يصطلي بناره - فقال: انطلق حتى تأتي المدينة ولا يسبقك الخبر، وأعطاه دنانير، قال عبد الملك: فقدمت المدينة (إلى أن قال) فدخلت على عمرو فقال: ما وراءك؟ فقلت: ما سر الأمير! قتل الحسين بن علي، فقال: ناد بقتله، فناديت، فلم أسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن على الحسين (عليه السلام)! فقال عمرو - وضحك -:
عجت نساء بني زياد عجة * كعجيج نسوتنا غداة الأرنب و " الأرنب " وقعة كانت لبني زبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب من رهط عبد المدان، وهذا البيت لعمرو بن معد يكرب، ثم قال عمرو بن سعيد: هذا واعية بواعية عثمان، ثم صعد المنبر فأعلم الناس بقتله (1).
وروى بعد ذاك الخبر مسندا عن مصعب بن عبد الله، قال: كانت زينب بنت علي وهي بالمدينة تؤلب الناس على القيام بأخذ ثأر الحسين فلما قام عبد الله بن الزبير بمكة وحمل الناس على الأخذ بثأر الحسين وخلع يزيد بلغ ذلك أهل المدينة، فخطبت فيهم زينب وصارت تؤلبهم على القيام للأخذ بالثأر، فبلغ ذلك عمرو بن سعيد، فكتب إلى يزيد يعلمه بالخبر. فكتب إليه: أن فرق بينها وبينهم،