فإذا كانت العبارة تعني " التقية " وقائلها زرارة نفسه مفسرا كلام الصادق عليه السلام، فمعناها: أن الصادق اتقى ابن السماك، وعمل معه بالتقية.
فالعبارة تدل على جرح ابن السما - ك نفسه، لأنه الشخص الذي اتقى منه الإمام عليه السلام لكونه مخالفا للحق الذي عليه أهل البيت عليهم السلام، حسب تفسير زرارة لتعبير الإمام عليه السلام.
لتكون العبارة من ألفاظ التجريح النادرة جرح بها زرارة ابن السماك؟ كما فرضه سعد الهاشمي في كتابه وهذا أنسب بابن السماك الذي عده ابن حجر في الضعفاء كما سيأتي.
مع أن القصة ملفقة، غير قابلة للقبول، من وجوه:
فأولا: ناقلها ابن السماك، وهو محمد بن صبيح الواعظ البغدادي عدوه من الضعفاء، وقال فيه ابن نمير - الراوي عنه -: حديثه ليس بشي (1)، وإن كان قد نسبوا إليه قوله فيه: " صدوق " فإن مجرد كونه صدوقا، لا يعني اعتبار حديثه، بعد أن لم يكن بشي، لأن الخلل حينئذ في حديثه من جهات أخرى، والصدق أعم من صحة الحديث، فرب صادق لا يعتبر بحديثه، فالمدح يكون بالصدق من غير جهة صحة الحديث، وهذا لا ينافي عدم صحة الحديث.
وثانيا: إن من البعيد جدا أن يلجأ زرارة إلى هذا الرجل لتحميله مثل تلك المسؤولية الخطيرة، وهو يجد منه الإنكار والتقبيح لمثلها، ولا يعتقد في الإمام الصادق عليه السلام ذلك، وإبائه عن تحملها؟ ومع ذلك يصر زرارة على تحميله إياها وهو ليس أهلا لمثلها؟
ثم ما حاجة زرارة إلى تحميل هذا الشخص المنكر للاعتقاد، مع أن الحجاج من الشيعة القادمين من الكوفة إلى المدينة في الموسم ليسوا قليلين؟