هذا كله لو قلنا بصحة الرواية، وإلا فمن المحتمل - كما سبق - أن يكون من خيالات ابن السماك، ووضعه واختلاقه، لتشويش سمعة شيعة أهل البيت عليهم السلام بنسبته إلى الإمام عليه السلام كلاما لا يمكن أن يقال في حق زرارة.
والأمر الثالث من ترهات ابن السماك: هو نسبة زرارة إلى الرفض، لأنه يقول بعلم الإمام عليه السلام بأسماء أهل الجنة والنار، الذي هو غيب.
فبطلانه واضح، لما عرفت من أن علم مثل هذا، لم يعد غيبا، بعد أن كان عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ورثه منه من ورث سائر مواريثه.
مع أن الالتزام بعلم الغيب شئ، والرفض شئ آخر.
فكل الملتزمين بعلم الغيب لغير الله تعالى، بلطفه وإطلاعه لهم عليه، ليسوا رافضة.
ففيهم أمثال: ابن حجر الهيثمي المكي صاحب الصواعق المحرقة، في فتاواه (1) وابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه (2) وغيرهما (3).
وليس كل الرافضة يلتزمون بعلم الغيب حتى بالمعنى المذكور، ففيهم في عصرنا الحاضر من يجري على سنة ابن تيمية والسلفية، ويستلهم منهم العقيدة والرأي، كما يتسلم منهم الريالات والدولارات كي يشوش على الشيعة، ويحدث الافتراق في كيان الطائفة، فهو، والدعاة لفكره ورأيه، حثالات ناشزون، يودون أن يسموا بالشيعة، وهي منهم برأ.
وأما خصوص العلم بأسماء أهل الجنة والنار، ووجود كتابين فيهما تلك الأسماء فقد عرفت ورود الآثار الكثيرة بالطرق المتضافرة بذلك، فالاعتقاد بذلك حق ولم يعد غيبا مجهولا بل صار عينا معلومة، ويقينا ثابتا في قلوب الذين آمنوا