جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣١
وقت العمل والأداء، إما بالقول مباشرة من الإمام، أو اعتمادا على ما يفتيه علماء الأصحاب، فهذا التأخير بما أنه ليس حكما شرعيا لم تتحقق به التقية المعهودة بل هو إجراء عملي قام به الإمام عليه السلام تقية على الراوي، وحفظا له من أذى العصبة أو الموالي، لئلا يضمن النصف الذي يدعونه فيما لو علموا بموت الوارث.
ومهما كان، فإن المتحصل من مجموع الروايات هو أن إظهار الإمام عليه السلام لحكم النصف الأول فقط وعدم الحكم بكون النصف الثاني للبنت، اعتبره الأصحاب " تقية " ولذا قالوا للراوي: " أعطاك من جراب النورة ".
فالأخبار كلها تدل على أن معنى " جراب النورة " في الحديث الأول، هو بمعنى التقية.
ولكن الغريب أن الفقهاء حاولوا تفسير الكلمة، من دون اللجوء إلى البحث عن كل هذه الروايات في محل واحد لتكون دلالتها على المعنى المذكور واضحة.
ومهما يكن فإن المجلسي الأول قد توصل إلى هذا المعنى، وأشار إليه المحقق الوحيد في بعض كلماته.
رأينا في المناسبة:
لكني أستبعد أن تكون المناسبة بين المعنى الحقيقي لجراب النورة، والمعنى المصطلح المذكور، اي " التقية " هي: التغطية والتلبيس، وذلك لوجهين:
الوجه الأول: أن التصدي للتغطية والتلبيس في العمل مما لا يتناسب فرضه مع مقام الإمام عليه السلام، مع أن أحكام التقية يكون اتباعها والالتزام بها هي الوظيفة الشرعية والواجب الإلهي الذي يجب اتباعه وهو حكم الله في حق من وقع في مأزق التقية، ولذلك عبر عنها في أدلتها بمثل قولهم عليهم السلام: " التقية ديني ودين آبائي " فالتعبير عن ذلك بالتشبيه والتلبيس غير مناسب، خصوصا على نظريتنا في التقية من أنها إنما شرعت لغرض الحفاظ على أصل وجود الدين الإسلامي
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»