جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٣
إيهام الحكم بالنصف الأول للبنت، كون النصف الآخر لغيرها، كما ذكرنا.
وأرى أن المناسبة (1) بين التقية، وجراب النورة، هو: أن النورة تستعمل كمادة قالعة للأذى الظاهري من الجسم، وهو الشعر من مواضع النتن والعطن كالإبط والعانة في البدن، فإذا دفع الإنسان - باستعمال التقية - أذى الخصم، كان حكمه الظاهري الوارد تقية، من جنس الدافع للأذى، فكأنه مأخوذ من جرابه، إذ هو - في الغرض - من بابته وشاكلته.
وهذا المعنى يناسب مقام الإمام عليه السلام، وواقع الشريعة الواردة للامتنان والتسهيل على الأمة، حيث ترتفع الأحكام الواقعية عند التعرض للحرج والعسر.
فتكون الأحكام الواردة للتقية، في مقام رفع الحرج عن المؤمن عندما يتعرض للخوف من الظالمين، أو المداراة معهم من أجل حفظ بيضة الإسلام ووحدة المسلمين واجتماعهم.
وفي كل ذلك هدف سام، وهو حفظ وجود المسلمين ورص صفوفهم، وحماية جبهتهم الداخلية عن التفرق والشتات، ولا مسرح للتلبيس والتغطية في هذا الهدف السامي.
دلالتها الرجالية:
والحاصل: إن الإعطاء من " جراب النورة " لم يستعمل في التراث الشيعي، إلا للدلالة على معنى التقية في الحكم المعطى.
وليس للعبارة دلالة " رجالية " إطلاقا.
نعم، لو قيل في حق الراوي: " إنه ممن يعطى من جراب النورة " لدلت العبارة

(1) علق فضيلة السيد حسن الحسيني آل المجدد هنا ما نصه: ويخطر ببالي أن المناسبة عدم الخطورة والأهمية، فكما أن النورة - هي في جراب عادة - لا قيمة لها، فكذلك الأحاديث التي تصدر تقية، مخالفة لما في اللوح المحفوظ، لا قيمة لها إلا بالنسبة للسائل أو أقوام أو في بعض الأحيان، ثم لا تكون شيئا بخلاف الأحاديث المطابقة للواقع، لأنه يجب العمل على طبقها دائما، وموارد الاستعمال تشهد لما ذكرنا، والله أعلم.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»