ومحل البحث من قبيل الثاني - وبعبارة أخرى فان عمل العقلاء ليس لنكات تعبدية محضة بل إن له مبررات موضوعية نتيجة لارتكازات ثابتة عندهم.
وليس ذلك إلا ركون النفس بالمشهود به من قبل المتقدمين.
وساعتئذ نقول إن توثيق المتأخرين إن لم يكن من حيث القيمة أعلى من توثيق المتقدمين فهو لا يقل عنه.
وكيف لا يقال ذلك وذاك المجلسي الأول يقول في شرح كتاب من لا يحضره الفقيه أنه بحث في أحوال ابن أبي عمير مدة خمسين عاما بحيث يتعسر أو يتعذر على غيره الوصول إلى ما وصل.. وهل يا ترى يقال بان بحثه المذكور حجة عليه ليس إلا..
على أن دعوى اشتهار العمل بتوثيقات المتأخرين بين الأصحاب في الجملة لها وجه وجيه وكما ذكره بعض أصحابنا المتأخرين.
وأما الايراد الثاني فقد توضح مما سبق لان قول الخبير المبني على الحدس يورث الظن غالبا بصحة ما حدس به وقد عرفت أن بحوث المتأخرين إنما يعتمد عليها لعدم نقصها قيمة عن توثيقات المتقدمين التي ركنت النفوس إليها واطمأنت بصحتها فالخبروية شئ وسكون النفس باخبار المخبر شئ آخر ومناط العمل الثاني لا الأول.
وأما الايراد الثالث فهو ناشئ من الغفلة عن أن مرادنا من اعتماد بحوث المتأخرين اعتمادها في الجملة لا مطلقا ومن أي معلم صدرت.. بل لا بد من النظر فيما أوردوه من الأدلة حيث لا يكونون بمثابة من الدقة والضبط وقوة الملكة.
والتضاد المذكور إنما يكشف عن عدم صحة مقدمات واستدلالات