وتوثيقات المتأخرين فمنهم من يلتزم بتوثيق جماعة ومنهم من يلتزم بتضعيفهم وعدم العمل بما يروونه.
واعطاء قاعدة في اعتبار توثيقات المتأخرين عبارة عن الالتزام بوقوع التعبد بالمحالات والممتنعات كما عرفت.
والجواب عن هذه الايرادات:
أما عن الايراد الأول فإن السلسلة التي ادعي انقطاعها تارة يراد من ذلك عدم وجود كابر ينقل توثيقا أو تضعيفا في مرحلة ما بعد الشيخ فهي وان كانت مقبولة إلا أن سلسلة البحث والتنقيب والكشف عن أحوال الرجال وإبراز الضعيف والسقيم منهم من الصحيح والمعتمد لا زالت جارية قديما وحديثا.
وهذه البحوث تزداد أهمية من حيث صوابية النتيجة بترامي الزمن لان المتأخر يجمع في حقيبته علم المتقدم وعلم المتأخر.
هذا مضافا إلى عثوره على جوانب أخرى قد لا يتسنى للرجالي من أمثال النجاشي آنداك ملاحظتها والعثور عليها كملاحظة طبيعة روايات كل راو على حدة وما يستفاد منها من قيمة احتمالية للتوثيق أو التضعيف.
فالقول بأن توثيق القدماء حجة دون توثيق المتأخرين ليس سديدا على اطلاقه.. فان النجاشي وغيره عندما ينصون على وثاقة شخص من خلال النقل فإنما ينصون عليها لا من باب المشاهدة لعدم تعقل مشاهدة الوثاقة أو العدالة كأمر خارجي بل انك عرفت أنها من الحقائق المقتنصة من مجموع مفردات أحاديث وسلوك الراوي والتي يدخل الحدس في اقتناص النتيجة منه وان أطلق عليه اسم الحس.
وعمل العقلاء بالشهادات الحسية لا لأنها كذلك وتعبدا بل لقلة وقوع الخطأ غالبا فيما كان منشؤه محسوسا أو ما قرب منه.