كنا مغرمين بتزكية أنفسنا فوجدنا الله كاذبين في كل موطن من مواطن ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد بلغنا قبل ذلك كتبه ورسله وأعذر إلينا، فسألنا نصره عودا وبدءا وعلانية، فبخلنا عنه بأنفسنا حتى قتل إلى جانبنا، لا نحن نصرناه بأيدينا ولا جادلنا عنه بألسنتنا، ولا قويناه بأموالنا ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا، فما عذرنا عند ربنا وعند لقاء نبينا وقد قتل فينا ولد حبيبه وذريته ونسله. لا والله لا عذر دون أن تقتلوا قاتله والموالين عليه، أون تقتلوا في طلب ذلك، فعسى ربنا أن يرضى عنا عند ذلك، ولا أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن (إلى أن قال فما زالوا، بجمع آلة الحرب ودعاء الناس في السر إلى الطلب بدم الحسين عليه السلام فكان يجيبهم النفر بعد النفر)، ولم يزالوا على ذلك إلى أن هلك يزيد ابن معاوية سنة أربع وستين، فلما مات يزيد جاء إلى سليمان أصحابه فقالوا: قد هلك هذا الطاغية والامر ضعيف، فإن شئت وثبنا على عمرو بن حريث، وهو (كان) خليفة ابن زياد على الكوفة، ثم أظهرنا الطلب بدم الحسين عليه السلام، وتتبعنا قتلته، ودعونا الناس إلى أهل هذا البيت المستأثر عليهم، المدفوعين عن حقهم (إلى أن قال) فلما مضت ستة أشهر بعد هلاك يزيد (إلى أن قال) ثم ساروا مجدين فانتهوا إلى عين الوردة، فنزلوا غربيتها وأقاموا خمسا، فاستراحوا وأراحوا، وأقبل أهل الشام في عساكرهم حتى كانوا من عين الوردة على مسيرة يوم وليلة، فقام سليمان في أصحابه وذكر الآخرة ورغب فيها، ثم قال: أما بعد فقد أتاكم عدوكم الذي دأبتم إليه في السير آناء الليل والنهار، فإذا لقيتموهم فاصدقوهم القتال (إلى أن قال) إن أنا قتلت فأمير الناس مسيب بن نجبة (إلى أن قال) فلما قتل سليمان أخذ الراية المسيب بن نجبة، وترحم على سليمان، ثم تقدم فقاتل بها ساعة، ثم رجع، ثم حمل فعل ذلك مرارا، ثم قتل رضي الله عنه بعد أن قتل رجالا ". الكامل: الجزء 3، في وقايع سنة أربع وستين عند ذكر التوابين، ص 332.
(١٨١)