لغير من يقرب عصرهم من عصره، فإنا قد ذكرنا أن هذه التوثيقات مبنية على النظر والحدس، فلا يترتب عليها أثر.
الثاني: أن الصدوق قال في أول كتابه المقنع: (وحذفت الاسناد منه لئلا يثقل حمله، ولا يصعب حفظه، ولا يمله قاريه، إذ كان ما أبينه فيه في الكتب الأصولية موجودا مبينا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات رحمهم الله).
وهذا الكلام قد يوهم أنه شهادة إجمالية من الشيخ الصدوق بوثاقة رواة ما ذكره في كتابه، فلا بد وأن يعامل معه معاملة الخبر الصحيح.
ولكن ذلك خلاف الواقع، فإن الشيخ الصدوق لا يريد بذلك أن رواة ما ذكره في كتابه ثقات إلى أن يتصل بالمعصوم عليه السلام، وإنما يريد بذلك أن مشايخه الثقات قد رووا هذه الروايات، وهو يحكم بصحة ما رواه الثقات الفقهاء وأثبتوه في كتبهم، على ما ستعرفه.
والذي يدل على ما ذكرناه أن الشيخ الصدوق وصف المشايخ بالعلماء الفقهاء الثقات، وقل ما يوجد ذلك في الروايات في تمام سلسلة السند، فكيف يمكن ادعاء ذلك في جميع ما ذكره في كتابه.
وبذلك يظهر الحال فيما ذكره الطبري في ديباجة كتابه: بشارة المصطفى، قال: (ولا أذكر فيه إلا المسند من الاخبار، عن المشايخ الكبار والثقات الأخيار).
على أنه قد مر أنه لا عبرة بتوثيقات المتأخرين لغير من يقرب عصره من عصرهم.