أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٤
ولمروان وبنيه في رفع مستوى أبي هريرة وتفضيله على من سواه في الحفظ والضبط والاتقان والورع أعمال كان لها أثرها إلى يومنا هذا.
فمنها: أن مروان كان يزعم أنه أجلس كاتبه في مكان لا يراه فيه أحد، ثم دعا أبا هريرة فجعل يسأله عن أشياء وأكثر في سؤاله وأبو هريرة يحدثه في الجواب عن رسول الله وكاتب مروان - واسمه زعيزعة (1) - يكتب من حيث لا يشعر به أحد أبدا فكتب أحاديث جمة هم أمهله مروان حولا كاملا فسأله تلك المسائل كلها، فأجابه أبو هريرة تلك الأجوبة بألفاظها لم ينقص ولم يزد حتى أخرجها الحاكم في أحوال أبي هريرة من مستدركه (2).
ومنها: أن مروان لما أراد أن يجلب على بني هاشم بخيله ورجله ليمنعهم من دفن الامام أبي محمد الحسن المجتبى - عند جده رسول الله صلى الله عليه وآله أوعز إلى أبي هريرة - من تدجيله - إن يعارضه ويغلظ له القول في ذلك علانية، تمويها على العامة وسواد الناس بأن له منزلة الصديقين لا تأخذه في الله ورسوله سطوة ولا تمنعه عن الانتصار لهما قوة.
وحين قام أبو هريرة بهذه المعارضة، أظهر مروان الغضب منه، فكان بينهما صحب رياء، وغيظ تصنع، اشتد أبو هريرة فيهما احتجاجا على مروان بمنزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله (3) التي لم تكن لخاصة أصحابه وذويه وبوعيه عنه صلى الله عليه وآله وحفظه الذي فاق به السابقين الأولين كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير

(1) وكنيته أبو زعبرة.
(2) 510 من جزئه الثالث.
(3) في حديث أخرجه ابن سعد من طريق الوليد بن رباح، ونقله ابن حجر في ترجمة أبي هريرة من اصابته، وسنورده بألفاظه في فضائله من هذا الاملاء معلقين عليه مالا يسعنا اغفاله.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»