إلى آخر ما كان من هذه الواقعة (1).
وحين جد الجد، وحمى وطيس الحرب، ورد على أبي هريرة من الهول ما هزم فؤاده وزلزل اقدامه، وكان في أول تلك الفتنة لا يشك بأن العاقبة ستكون لعلي. فضرب الأرض بذقنه، قابعا في زوايا الخمول يثبط الناس عن نصرة أمير المؤمنين بما يحدثهم به سرا وكان مما قاله يومئذ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به (2).
ولم يزل كذلك حتى خرجت الخوارج على أمير المؤمنين واختلف الناس عليه في العراق واستفحل أمر معاوية باستيلائه على مصر وقتله محمد بن أبي بكر وعبثه في بلاد أمير المؤمنين، وشنه الغارات عليها، وبعثه بسرا في ثلاثة آلاف إلى الحجاز واليمن عبثا في الأرض وفسادا، وتنكيلا بعباد الله وتقتيلا، وتحريفا لهم وتمزيقا، وانتهاكا لحرمات الله. وهتكا لإمائه وسبيا لذراري المؤمنين من عباده، وعبرة للناظرين، ومثلا وأحدوثة في الغابرين.