أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٩٥
الناس موضع علي من رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعه في حجره وهو ولد يضمه إلى صدره ويكنفه إلى فراشه ويمسه جسده ويشمه عرفه وكان يمضغ الشئ ثم يلقمه إناه وما وجد له كذبة في قول ولا خلطة في عمل ولقد قرن الله به صلى الله عليه وآله من لدن ان كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طرق المكارم ومحاسن أخلاق العالم فكان علي يتبع رسول الله اتباع الفصيل أثر أمه يرفع له في كل يوم من أخلاقه علما ويأمره بالاقتداء به ولقد كان معه (وهو الصديقة الكبرى خديجة أم المؤمنين) بحراء فيرى نور الوحي والرسالة ويشم ريح النبوة وكان بعد ذلك باب مدينته وأقضى أمته، وعيبه سره وولي أمره، ووارث حكمه، وفارج همه، وصاحب الاذن الواعية - ومن عنده علم الكتاب - فهل يمكن ان ينسى من سننه ما حفظه أبو هريرة أو يكتم منها ما بينه أبو هريرة؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
على أنه لم يكن من المهاجرين من يصفق في الأسواق إلا القليل، وحسبك أبو ذر والمقداد وعمار ورفقاء أبي هريرة في الصفة وهم سبعون كانوا كما وصفهم أبو هريرة ما منهم رجل عليه رداء وإنما عليه إما ازار وإما كساء قد ربطوه في أعناقهم إلى آخر كلامه في وصفهم (1) فما بالهم لم يحدثوا بمثل أحاديثه، ولم يكثروا كما أكثر بل لم يكن المجموع من حديثهم كافة إلا دون حديثه خاصة.
وكذا الأنصار لم يكونوا بأجمعهم من أهل الأموال والاشغال كما زعم وحسبك " ممن لا مال له مهم " سلمان الفارسي الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيه:
سلمان منا أهل البيت، وقال: - كما في ترجمة سلمان من الاستيعاب - لو كان الدين عند الثريا لناله سلمان، وقالت عائشة - كما في ترجمته من الاستيعاب أيضا - كان لسمان مجلس من رسول الله ينفرد به في الليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وفي الاستيعاب أيضا قال علي: أن سلمان الفارسي مثل لقمان الحكيم علم

(1) فراجعه في أحواله على عهد النبي صلى الله عليه وآله من هذا الاملاء.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»