أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٩٤
واحتجاجا عليهم فإذا حجته جفاء أو ثأطة مدت بماء (1) كأن الله عز وجل صخره بهذا الحديث حجة للمنكرين عليه ودليلا على صحة ما نسبوه الله فاني " وشرف الصدق " وعلو مقام الصادقين " ما رأبت في كل ما صنعته أيدي المخرفين أبرد من هذا الحديث ولا أبعد منه عن الصدق وما كنت لألم به ولا لأعرج عليه لولا أن الشيخين وأمثالهما قد نظموه في سلك الصحاح بكل ارتياح وانما فعلوا ذلك تعبدا برأيهم في كل صحابي وقد خالفوا في ذلك الأدلة عقلية ونقلية وخالفوا السلف الصالح من أولي الا باب كما أوضحناه في كتابنا - تحفة المحدثين - ولنا على بطلان هذا الحديث وجوه: - (الأول): زعم أن المهاجرين كان يشغلهم عن النبي صلى الله عليه وآله الصفق بالأسواق (2) والأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم (3) فساق السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كافة بعصا واحدة لقد هزلت - وحن قدح ليس منها - وأي قيمة للقول بأن جميع المهاجرين كان يلهيهم الصفق بالأسواق؟ بعد قوله عز من قال (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.) الآية وهل لمعارض كتاب الله إلا الضرب بعرض الجدار؟ ومن هو أبو هريرة؟
ليحضر حين يغيب الخصيصون برسول الله صلى الله عليه وآله ويحفظ حين ينسون يقول هذا القول بملء فيه غير متئد ولا خجل ولا وجل إذ قاله على عهد معاوية حيث لا عمر ولا عثمان ولا علي ولا طلحة ولا الزبير ولا سلمان ولا عمار ولا المقداد ولا أبو ذر ولا أمثالهم كبرت كلمة تخرج من فيه ما أبعدها عن الصدق وقد علم

(1) الجفاء هنا ما نفاه الباطل، والشأطة الحمأة كلما ازدادت ماء قل تماسكها.
(2) الصفق: كناية عن التبايع إذ كان البايعان يتصافقان بالأكف، وكان عمر يقول عما جهله من السنن ألهاني عنه الصفق بالأسواق، أي الخروج إلى التجارة أخرجه في صفحة 4 من الجزء الثاني من صحيحه في باب الخروج بالتجارة.
(3) أي إدارة حدائقهم إذ كانوا أهل نخيل.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»