أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٩٨
اني اسمع منك حديثا أنساه قال صلى الله عليه وآله: ابسط رداءك فغرف بيديه (1) ثم قال ضمه! فضممته فما نسيت شيئا بعده اه‍ بنصه.
وأنت ترى ان القصة على مقتضى الحديث الأول - حديث الأعرج - انها كانت بين رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه والمبتدئ فيها إنما كان رسول الله إذ دعاهم إلى بسط أثوابهم اشفاقا عليهم من النسيان وانها على مقتضى الحديث الثاني - حديث المقبري - انما كانت بين أبي هريرة خاصة ورسول الله والمبتدئ فيها إنما هو أبو هريرة حيث شكا نسيانه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله.
وأيضا فان الحديث الأول - حديث الأعرج - يقتضي تخصيص عدم النسيان بتلك المقالة فقط (2) لقوله فيه: ما نسيت من مقالته تلك شيئا والحديث الثاني - حديث المقبري - يقتضى العموم في عدم النسيان لكل شئ من الأشياء حديثا كان أم غيره مطلقا لقوله فيه ما نسيت شيئا بعده، فان النكرة في سياق النفي حقيقة في العموم، وقد ارتبك هنا شارحوا البخاري واتجت عليهم أبواب الاعتذار عنه حتى قرر ابن حجر في فتح الباري وقوع هذه القضية مرتين (3)

(١) قال القسطلاني في شرح هذه الكلمة: فغرف بيديه من فيض فضل الله فجعل الحفظ كالشئ الذي يغرف منه ورمى به في ردائه إلى آخر لامه فراجعه في ص ٣٧٩ من الجزء الأول من ارشاد الساري في شرح هذا الحديث من صحيح البخاري.
(٢) وقع في جامع الترمذي وحلية أبي نعيم التصريح بهذه المقالة وانها كانت ما هذا لفظه: ما من رجل يسمع كلمة أو كلمتين مما فرض الله تعالى عليه فيتعلمهن أو يعلمهن الا دخل الجنة.
(٣) قال القسطلاني في شرح هذه الأحاديث في باب حفظ العلم من كتاب العلم ص ٣٨٠ من الجزء الأول من ارشاد الساري ما هذا لفظه: ويحتمل أن يكون وقعت له - أي لأبي هريرة مع النبي - قضيتان فالتي رواها الزهري عن الأعرج مختصة بتلك المقالة، والتي رواها المقبري عامة قال: هكذا قرره في فتح الباري، قال: وهذا من المعجزات الظاهرات حيث رفع صلى الله عليه وآله عن أبي هريرة النسيان الذي هو من لوازم الانسان حتى قيل أنه مشتق منه، وحصول هذا في بسط الرداء الذي ليس للعقل فيه مجال
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»