دغلا، وعباد الله خولا، ومال الله دولا، وكانت هذه الكذابة قد اتصلت بأسباب أولئك الغاشمين فتوسلت إليهم بالطامات فأرضعوها اخلاف برهم، وأولوها فوق ذلك انهم انفقوا في تأييد قواهم الجبارة إذ كانت (ولا سيما على عهد معاوية) أداة من أدواتهم بل كانت لسان دعايتهم، وعين تجسسهم (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله).
وأني وأيم الله لا ينقضي عجبي من البخاري ومسلم وأحمد وأمثالهم ممن يرجعون إلى عقل أصيل ورأي جميع ثم ينقادون انقياد الأكمة الأبله إلى ما يشاء أبو هريرة وأمثاله، فهل في امكانهم ان يعلموا متى سأله علي وعمر وعثمان وطلحة والزبير وغيرهم من أهل السوابق؟ وهل كان سؤالهم إياه في اليقظة أو في النوم أو في عالم الخيال؟ وأي حديث سألوه عنه؟ ومن روى هذا عنهم غير أبي هريرة؟ وأي رجل من أهل المعاجم والتراجم أو من غيرهم عد واحدا من هؤلاء في زمرة من روى عن أبي هريرة؟ ولو حديثا واحدا (1) ومتى كان هؤلاء يأبهون بحديثه؟ فانا ما عهدناه يحدث في مجالسهم وما كان ليجرأ على الحديث بحضورهم، وكانوا يرذلونه ويكذبونه كما سمعته مفصلا. ولنرجع الآن إلى ما ذكره ابن عبد البر في ترجمة أبي هريرة فنقول:
وأما قوله: وكان من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه مأخوذ من قول أبي هريرة في الحديث السابق وكنت اعلم الناس بحديثه.
وأما قوله: كان يحضر ما لا يحضر سائر المهاجرين والأنصار، فإنه مأخوذ من حديثه الذي ذكره فيه بسط النمرة، وقد بيناه سابقا وعلقنا عليه ما نلفت