فان كان هذا القول واقعا من أبي جهل فإنه انما يكون قبل اسلام أبي هريرة وقبل قدومه من اليمن بنحو عشرين سنة فأين كان عن أبي جهل ليسنده إليه كأنه سمعه بأذنيه؟!.
وأين كان عن وقعة الرجيع وعن أميرها عاصم بن ثابت الأنصاري المستشهد فيها ليحدث عنها وعنه حديث المشاهد لهما؟ (1) وقد كانت تلك الوقعة في صفر سنة أربع للهجرة قبل اسلامه بثلاث سنين تقريبا.
ومن وقف على سيرة أبي هريرة المستمرة في حديثه علم أن دأبه ما قلناه وحسبك هذا القدر دليلا على ما ادعيناه.
وقد انتبه إليه أحمد أمين المصري البحاثة المعاصر إذ قال في كلام له (2) حول أبي هريرة: ويظهر انه لم يكن يقتصر على ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله بل يحدث عن رسول الله بما اخبره به غيره.
(قلت): وأعترف بهذا أبو هريرة نفسه إذ حدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله بأن من أدركه الفجر جنبا فلا يصم، فلما أنكرت عائشة وأم سلمة عليه ذلك جعل الجناح فيه على الفضل بن العباس (وكان الفضل يومئذ ميتا (3) فقال