أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٧٦
فان كان هذا القول واقعا من أبي جهل فإنه انما يكون قبل اسلام أبي هريرة وقبل قدومه من اليمن بنحو عشرين سنة فأين كان عن أبي جهل ليسنده إليه كأنه سمعه بأذنيه؟!.
وأين كان عن وقعة الرجيع وعن أميرها عاصم بن ثابت الأنصاري المستشهد فيها ليحدث عنها وعنه حديث المشاهد لهما؟ (1) وقد كانت تلك الوقعة في صفر سنة أربع للهجرة قبل اسلامه بثلاث سنين تقريبا.
ومن وقف على سيرة أبي هريرة المستمرة في حديثه علم أن دأبه ما قلناه وحسبك هذا القدر دليلا على ما ادعيناه.
وقد انتبه إليه أحمد أمين المصري البحاثة المعاصر إذ قال في كلام له (2) حول أبي هريرة: ويظهر انه لم يكن يقتصر على ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله بل يحدث عن رسول الله بما اخبره به غيره.
(قلت): وأعترف بهذا أبو هريرة نفسه إذ حدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله بأن من أدركه الفجر جنبا فلا يصم، فلما أنكرت عائشة وأم سلمة عليه ذلك جعل الجناح فيه على الفضل بن العباس (وكان الفضل يومئذ ميتا (3) فقال

(١) حديثه عنهما ثابت في الصحاح فراجعه في كتاب الجهاد السير ص 117 من الجزء الثاني من صحيح البخاري.
(2) تجده في ص 262 والتي بعدها من كتاب (فجر الاسلام) في الفصل الثاني من الباب السادس.
(3) فان هذه القضية كانت ومروان بن الحكم أمير على المدينة في عهد معاوية - كما جاء في حديث البخاري عنها في باب الصائم يصبح جنبا ص 225 من الجزء الأول من صحيحه وبه صرح شارحوا الصحيح كالقسطلاني وغيره - وقد استشهد الفضل يوم أجنادين في خلافة أبي بكر وقيل بل يوم مرج الصفر سنة 13، وقيل يوم اليرموك سنة 15 في خلافة عمر، وقيل مات في طاعون عمواس بالشام سنة ثمان عشرة ولم يبق حيا إلى سنة العشرين اجماعا وقولا واحدا.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»