وقد قال: رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم عليه رداء، الحديث (1).
(قلت): استشهد هؤلاء السبعون بأجمعهم يوم بئر معونة فحزن النبي صلى الله عليه وآله عليهم وقنت شهرا يدعو في الصلاة على قاتليهم وكانت هذه الوقعة في صفر سنة أربع من الهجرة قبل اسلام أبي هريرة وقبل قدومه من اليمن فكيف يدعي رؤيتهم؟ وقال القسطلاني (2): ان السبعين الذين رآهم أبو هريرة غير أولئك السبعين والله تعالى أعلم.
وبالجملة: علمنا من تعقب أبي هريرة واستقراء حديثه انه كان كثيرا ما يحدث عن النبي صلى الله عليه وآله بما لم يسمعه منه. وكثيرا ما يحدث عن الوقائع التي لم يحضرها، وربما ادعى حضورها وربما سمع شيئا من كعب الأحبار أو غيره فراقه فحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما فعل في حديث " خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع " (3) وهذا ما يضطر المؤمن إلى اتقاء حديث هذا الرجل.
والعجب من أصحاب الصحاح يشحنون به مسانيدهم لا يلتفتون إلى لوازمه الباطلة ولا يأبهون بما يكتنفه من دلائل الوضع والاختلاق، ومن تتبع حديث الصحيحين عجب من بساطة الشيخين، واليك مثلا يلمسك هذه الحقيقة:
أخرج مسلم في باب فضائل أبي سفيان من طريق عكرمة بن عمار العجلي اليماني: ان المسلمين كانوا لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه فقال للنبي