(قوله أعلى الله مقامه):
وبالجملة بعد بذل الجهد واستفراغ الوسع في تحصيل الراجح نجزم بالعمل وبدونه لا قطع على العمل فتأمل هذا ما أشرنا إليه من أنه مع ملاحظة الترجيح والاخذ به يحصل اليقين بالبراءة بذلك العمل وبدونه لا قطع، وحينئذ فالمقام من موارد الشغل (1) لدورانه بين التعيين والتخيير.
(اللهم الا ان يقال): بأنه من مجارى الأصول لأصالة البراءة من التعيين لتناول أدلتها للمقام أو يقال: باطلاق الأدلة الدالة على حجية الخبر بحيث تشمل صورة التعارض ولعل الامر بالتأمل إشارة إلى ذلك ولكن لا يخفى ان اخبار التراجيح بعد تقييد مطلقها بمقيدها الذي هو اعتبار اخبار الترجيح حيث يوجد تكون قاطعة للأصل المذكور لو كان المقام من موارده ومجاريه ومقيدة للاطلاق المزبور لو كان ثابتا بحيث يشمل صورة التعارض فلا يقال: بأن اخبار التراجيح متعارضة إذ تعارضها انما هو بالاطلاق والتقييد واللازم فيه حمل المطلق على المقيد فيكون الحاصل لزوم الترجيح وهو المطلوب مع امكان ان يقال: بامتناع دخول المتعارضين تحت الاطلاق المزبور إذ مقتضاه وجوب العمل وهو ممتنع مع فرض التعارض مع أن الأصل المذكور لو تم لا ينفع في جواز العمل بالمرجوح بحيث يكون مجزئا وصحيحا ومسقطا للامر فلا وجه للرجوع إليه ولعل الامر بالتأمل إشارة إلى هذا كله والله أعلم.