وهو في سن الثمانين، فحفظ القرآن في ذلك الوقت، ثم عمر حتى جاوز التسعين، ولما توفي رثيته بقصيدة طويلة منها:
مضى طود حلم بحر علم لفقده * تكاد الجبال الراسيات تزعزع - فغاضت بحار العلم يوم وفاته * وفاضت عليه للمكارم أدمع - فمن ذا الذي يردي الريا بظبى التقى * إذا عد يوما خاشعا متخشع - ومن ذا الذي يحيي الليالي بعده * وبالصوم والأوراد من يتطوع - ومن ذا الذي يبني المعالي إذ عفت (1) * لهن رسوم دارسات وأربع (2) - لقد كان فردا في جميع خصاله * وكل مزايا الفضل فيه تجمع - فياليت أن الموت يقبل فدية * أو أن الردى بالخيل والرجل يدفع - إذا لحمي عبد السلام عصابة * بها يحرس الثغر المخوف ويمنع - لئن سر فيك الشامتون جهالة * ونعشك من فوق المناكب يرفع - فإن لهم غيضا بسبطك كافلا * لهم بغليل حره ليس ينقع - ورثيته بقصيدة أخرى طويلة منها:
آه مما جنت يد الموت في * أكمل أهل العلى وخير الأنام - زاهد عابد تقي نقي * طاهر النفس عالم علام - كان بدرا قد تم في فلك التقوى * فأزرى بكل بدر تمام - حل في ذروة المكارم لما * أعجز الناس نيل ذاك المقام - كان يدعى عبد السلام فأضحى (3) * سيدا مالكا لدار السلام - كان بحرا في العلم والفضل عذبا * وهو طام يروى به كل ظام - ليت شعري من للعلى بعد ما * اغتالته قسرا حوادث الأيام -