الرعاية في علم الدراية (حديث) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٤٤
(ب -) وربما لم يسقط المدلس شيخه الذي أخبره، ولا يوقع التدليس في ابتداء السند.، لكن، يسقط من بعده، رجلا " ضعيفا " أو صغير السن، ليحسن الحديث بذلك (1).
وهذان النوعان، تدليس في الاسناد.
وأما التدليس في الشيوخ لا في الاسناد.، فذلك، بأن يروي عن شيخ، حديثا " سمعه منه، ولكن لا يحب معرفة ذلك الشيخ، لغرض من الأغراض.، فيسميه، أو يكنيه باسم أو كنية غير معروف بهما (2)، أو ينسبه إلى بلد أو قبيلة غير معروف بهما، أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف (3).
وأمره - أي: أمر القسم الثاني من التدليس -: أخف ضررا " من الأول.، لان ذلك الشيخ من الاغراب به: إما أن يعرف، فيترتب عليه ما يلزمه، من ثقة أو ضعف.، أولا " يعرف، فيصير الحديث مجهول السند، فيرد.
لكن، فيه تضييع للمروي عنه، وتوعير لطريق معرفة حاله، فلا ينبغي للمحدث فعل ذلك.
ونقل: أن الحامل لبعضهم على ذلك، كان منافرة بينهما اقتضته، ولم يسع له ترك حديثه، صونا " للدين.، وهو عذر غير واضح.
عود على بدء (4) والقسم الأول من التدليس: مذموم جدا "، لما فيه من إيهام اتصال السند، مع كونه

(١) ينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص ٣٦٤.، والخلاصة في أصول الحديث ٧٤.
(٢) وقد علق المددي هنا بقوله: ولعل من هذا القبيل: ما يرويه محمد بن الحسن بن سماعة - وهو من رؤوس الواقفة - عن ابن أبي عمير.، فهو إن كان يروي عنه كثيرا "، إلا أنه لا يذكره باسم (ابن أبي عمير)، الذي اشتهر به إلا قليلا ": والغالب عليه أن يذكره بعنوان: (محمد بن زياد)، أو (محمد بن زياد بن عيسى).
ولعله - أي: ابن سماعة - كان يأبى أن يورد اسم أحد أعلام الامامية الاثني عشرية، في كتبه و مصنفاته، والله العالم.
(٣) وقال الحافظ ابن كثير (... فهو الاتيان باسم الشيخ أو كنيته، على خلاف المشهور به.، تعمية لامره، وتوعيرا " للوقوف على حاله، ويختلف ذلك باختلاف المقاصد.، فتارة يكره، كما إذا كان أصغر سنا " منه، أو نازل الرواية، ونحو ذلك: وتارة يحرم، كما إذا كان غير ثقة، فدلسه لئلا يعرف حاله، أو أوهم أنه رجل آخر من الثقات على وفق أسمه أو كنيته).، الباعث الحثيث: ص ٥٥.
وينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص ٢٢، والخلاصة في أصول الحديث: ص 74.
(4) هذا العنوان: (عود على بدء)، وضعناه للضرورة المنهجية.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»