الرعاية في علم الدراية (حديث) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٤٢
في مجرد الاصطلاح.
واعلم، أن هذه العلة، توجد في كتاب التهذيب، متنا " وإسنادا "، بكثرة (1).
والتعرض إلى تمثيلها، يخرج إلى التطويل، المنافي لغرض الرسالة.

(1) وقد علق المددي هنا بقوله:
باعتبار ان الشيخ يروي في الكتاب المذكور أحاديث، عن الكتب المتقدمة عليه، كالكافي والبصائر والمحاسن وغيرها..، إلا أنه يوجد اختلاف كثير، سواء في المتن أم الاسناد.، حتى قال المحدث البحراني - في الحدائق: 4 / 209 -: والظاهر أن هذه الزيادة، سقطت من قلم الشيخ، كما لا يخفى على من له أنس بطريقته، سيما في: التهذيب وما وقع له فيه من التحريف والتصحيف، والزيادة والنقصان في الأسانيد والمتون، بحيث أنه قلما يخلو حديث من ذلك، في متنه أو سنده!! كما هو ظاهر للممارس.
وعلق أيضا " بقوله: هذا والذي يظهر لي بعد التأمل في أحاديث (التهذيب)، ان الاختلاف المذكور - مع الاعتراض بقصور الانسان وخطأه مهما بلغ من الاتقان والتحقيق - يرجع إلى عوامل شتى.
فمن جهة.، يرجع إلى اختلاف نسخ الكتاب، فهناك أحاديث فيها خلل - سندا " ومتنا " - في نسخة منه، وفي نسخة أخرى تخلو عنه.، بل، يبدو للمحقق المتتبع ان نسخة التهذيب، التي وصلت إلى صاحب الوافي، وصاحب الوسائل، وغيرهما، كانت مختلفة.
ومن جهة أخرى: يرجع إلى اختلاف نسخ المصادر التي اعتمدها الشيخ، فحينما نرى اختلافا " بين التهذيب والكافي - مع أن الأول نقل عن الثاني -، ليس معناه حتما " ان الشيخ سها عن ذلك.، بل، لعل نسخة الكافي التي وصلت إلى الشيخ، كانت تختلف عن النسخ التي بأيدينا، وهكذا، في ساير موارد الاختلاف.
ومن جهة ثالثة: يرجع إلى تعدد المصادر وتغايرها: فقد نرى الشيخ يروي رواية وهي موجودة في الكافي بعينها، إلا أن بينهما اختلافا "، سندا " أو متنا "، زيادة أو نقيصة، وهذا لا يعود إلى خطأ الشيخ.، بل. السر فيه: ان الشيخ يرويها بطريق يخالف طريق الكافي، فالشيخ يرويها مثلا " عن كتاب أحمد بن محمد بن عيسى، بينما الكليني يرويها عن الحسين بن سعيد.، فالرواية وإن كانت واحدة، إلا أنها من طريقتين متغايرتين.
ومن هذا القبيل أيضا ": أنه قد يروي الشيخ حديثا " في موضع من الكتاب، ويروي نفس الحديث في موضع آخر، مع الاختلاف سندا " ومتنا "، والوجه ما ذكرنا.، يعني: أنه يرويه في الموضع الأول عن مصدر معين، و في الموضع الثاني عن مصدر آخر.
والذي تحقق لي من مراجعة التهذيب: ان الشيخ الثقة الجليل - رحمه الله -، كان يراعي في نقل الحديث كمال الدقة والاتقان، وهو بعلمه هذا يرشدنا أيضا " إلى اختلاف نسخ تلك المصادر، واختلافها فيما بينهما، واحتفظ بشدة بنقل ما وقف عليه.، ولذا ينبغي أن يعد كتابه - والحق أقول - من أقل الكتب الحديثية، تحريفا " وتصحيفا "، زيادة ونقصانا "، وأضبطها، وأشملها، وأتقنها، فلله دره وعليه أجره.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»