الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٦٧
أمر عمر قال: وأما أسامة فراح في حلته، فنظر إليه رسول الله (ص عرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكر ما صنع، فقال: يا رسول الله: ما تنظر إلي، فأنت بعثت بها إلي؟ فقال: إني لم أبعثها إليك لتلبسها، ولكن بعثت بها لتشققها خمرا بين نسائك.
فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر تسويته بين الملك والبيع والانتفاع، وبين اللباس المنهي، وأنكر على أسامة تسويته بين الملك واللباس أيضا، وكل واحد منهما قياس، فأحدهما حرم قياسا، والآخر أحلى قياسا، فأنكر عليه السلام القياسين معا، وهذا هو إبطال القياس نفسه.
ولا بد في هذين الحديثين من أحد مذهبين: إما أن يقول قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم إذ نهى عن لباس الحرير، ثم وهبهما حلل الحرير، أن يكون لبس عليهما وهذا كفر من قائله، أو أنه صلى الله عليه وسلم بين عليهم المحرم من الحرير وهو اللباس المنصوص عليه فقط، وبقي ما لم يذكر على أصل الإباحة، فأخطأ رضي الله عنهما إذ قاسا، وهذا هو الحق الذي لا يحل لاحد أن يعتقد غيره.
وبالله تعالى التوفيق.
حدثنا أحمد بن قاسم، ثنا أبي قاسم بن محمد بن قاسم، ثنا جدي قاسم بن أصبغ، ثنا بكر بن حماد، نا حفص بن غياث، عن داود بن أبي هند، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان لها - رحمة لكم - فلا تبحثوا عنها.
كتب إلي النمري يوسف بن عبد الله، نا أحمد بن عبد الله بن محمد علي الباجي، ثنا الحسين بن إسماعيل، نا عبد الملك بن يحيى، نا محمد بن إسماعيل، ثنا سنيد بن داود، نا محمد بن فضيل، عن داود بن أبي هند، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وحد حدودا فلا تعتدوها. وعفا عن أشياء - رحمة لكم لا عن نسيان - فلا تبحثوا عنها.
(١٠٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1062 1063 1064 1065 1066 1067 1068 1069 1070 1071 1072 ... » »»
الفهرست